علي حسن الفواز
بحثتْ قمة دول شرق أفريقيا التي عُقدت في القاهرة مؤخراً تداعيات أزمة الصراع في السودان، والعمل على وضع حلول ناجعة تمنع ذهاب هذا البلد التاريخي إلى مزيدٍ من الانقسام، وهو ما أعطى أهمية استثنائية لهذه القمة، ولإجراءاتها في التعاطي مع تعقيدات الصراع بين الجيش وجماعة الدعم السريع، وعلى نحو يهدف الى وضع خطةِ عملٍ تقوم على إيقاف القتال ومنع تدهور الأوضاع أولاً، وإيجاد آليات واقعية تمنع تفاقم ذلك الصراع وانعكاساته الكارثية على المدنيين ثانياً.
مستوى المشاركات الرئاسية في هذه القمة كشف عن خوف وقلق حقيقيين، من تحوّل السودان الى عدوى قد تنقل الصراع إلى دول أخرى، والى صناعة أزمات تتجاوز طاقة هذه الدولة أو تلك، فضلاً عن أن هذا الاجتماع جاء بعد اعتراض قائد الجيش السوداني عبد الفتاح البرهان على الدور الكيني في الحوارات الجارية، وكذلك على المبعوث الأممي الخاص بالسودان، وهو ما يعني وجود ضمانات متوازنة لدول جوار السودان، وللاتحاد الأفريقي، والأمم المتحدة، تقوم بدورها في قطع الطريق على خيار إرسال قوات سلام إلى السودان، والذي سيعني تهديداً للسيادة السودانية من جانب، وتحويل الصراع من شأن داخلي الى موضوع خارجي يسمح بالتدخل وفرض الشروط على معالجة الأزمة من جانب آخر.
مشاركة رؤساء مصر، تشاد، إثيوبيا، جنوب السودان، ليبيا، إريتريا، أفريقيا الوسطى، فضلاً عن رئيس مفوضية الاتحاد الأفريقي، والأمين العام لجامعة الدول العربية، أعطى دافعاً قوياً للتأكيد على أهمية وحدة الأراضي السودانية، وعدم التدخل في شؤونه الوطنية، واطلاق دعوة لحوار شامل يضم جميع الأطراف، ومناشدتها بوقف التصعيد، ومنع تفاقم الأزمات الإنسانية والصحية، وفتح ممرات آمنة لمرور المساعدات الإنسانية، فضلاً عن الدعوة إلى الحفاظ على بنية الدولة ومؤسساتها والسلم الأهلي، والعمل على دعم تعهدات المؤتمر العالمي لإغاثة السودان، لمواجهة تداعيات الصراع الذي تسبب بأضرار كبيرة في البنى التحتية، وفي معالجة النقص الحاد في الأدوية، وفي تأمين الخدمات العامة ومستلزمات الرعاية الصحية والمعيشية للمواطنين.
هذه القمة لم تكن بعيدة عن معالجة القضايا البينية، كما حدث خلال مباحثات الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي مع رئيس وزراء إثيوبيا آبي أحمد حول سد النهضة، إذ اتفق الطرفان على وضع خطة عمل واقعية لمعالجة هذا الملف، وللتأكيد على أهمية معالجة مشكلات القارة السمراء بمسؤوليات مشتركة.