علي حسن الفواز
سحب الرئيس التركي أردوغان اعتراضه على قبول السويد في حلف الناتو قد يفتح الباب على خيارات سياسية وأمنية مغايرة في القارّة الأوربية، ويُزيد من عوامل الضغط على روسيا، ويضع حدّاً لسياسة "الحياد" التي اتبعتها تركيا طوال سنة الصراع الروسي الأوكراني.
اجتماع قمة دول حلف الناتو الذي عُقد في فيلنيوس عاصمة ليتوانيا كشف عن نوع من "الهياج الغربي" وعن سأم من استمرار الحرب، بسبب عدم تحقيق حُزم العقوبات جدواها، فضلاً عن عجز الأوكرانيين عن تحقيق نتائج عسكرية على الأرض، رغم الإعلان عن هجومهم المُضاد، وهو مادفع "الأطلسيون" إلى الحديث عن تحالفات أكثر فاعلية، وعن إجراءات واسعة لدعم سياسي وعسكري لأوكرانيا، وصولاً إلى التلويح بقبول عضوية أوكرانيا في حلف الناتو بعد الحرب، رغم اعتراض البعض على هذه العضوية، كونها تُعدُّ خروجاً عن التوصيف الإطاري، فضلاً عما يُشكّله ذلك من تهديد صريح ومباشر للأمن الروسي.
إشارات أردوغان بتغيير موقفه من عضوية السويد، ترتبط بالحديث عن امتيازات سياسية وأمنية، بدءاً من الحصول على دعم أميركي لتوجهات تركيا بالدخول إلى الاتحاد الأوروبي، وليس انتهاء بالموافقة الأميركية على حصول تركيا على عقد بطائرات إف - 16 الستراتيجية، رغم أن الكثير من الأوروبيين مازالوا ينظرون إلى رغبات تركيا بمنظار حقوقي وأمني شديد التعقيد، وأن تركيا تحتاج إلى معالجة ملفات الديمقراطية وحقوق الإنسان لكي تُمهِّد الطريق لقبولها الأوروبي، وعلى نحوٍ يجعل من هذا القبول، أو التلويح به مدخلاً للحديث عن حسابات جيوسياسية، وعن توافقات وتصريحات تهدف إلى تعزيز جبهة معاداة روسيا، وفرض المزيد من العقوبات عليها، وإلى التلويح بالغلو التسليحي، لاسيما بعد حديث الرئيس الفرنسي ماكرون عن الشروع بإمداد أوكرانيا بصواريخ بعيدة المدى، وإلى التأثير في الدول المحايدة، أو الصديقة التي تتحفظ على الضغوط الأميركية والأوربية، وصولاً إلى ما نقلته بعض وسائل الإعلام، عن وجود اتفاق على خطط عسكرية سرِّية للحلف يخصّ الاستعدادات لمواجهة أيّ هجوم روسي، رغم أن تركيا مازالت تتردد في الموافقة على مثل هكذا استعدادات، لأن معطيات الحرب ستجرّ المنطقة إلى صراعات مفتوحة، وإلى متغيرات جيوسياسية يمكن أن يفقد معها التوازن العالمي إيقاعه السياسي والأمني والاقتصادي.