الحرب وصفقة الحبوب الأوكرانية

قضايا عربية ودولية 2023/07/22
...

علي حسن الفواز

قررت روسيا أنها ستنسحب من العمل باتفاقية تصدير الحبوب من أوكرانيا عبر البحر، وبهذا فقد أثارت أسئلة جديدة حول علاقة هذه الاتفاقية بمصالح روسيا، وانفراد أوكرانيا باستثمارها مع دول التحالف الغربي، فكان القرار الروسي متزامناً مع الهجوم الذي شنته مسيرات أوكرانية على جسر القرم، فضلاً عن كونه رداً على سياسة الغرب لعدم التزامهم بالشروط الخاصة بالاتفاقية، وتواصل تضييق الخناق على تنفيذ الفقرات الخاصة بروسيا، لاسيما صادرات الحبوب والمواد الغذائية والأسمدة وتشغيل خط تصدير الأمونيا إلى أوروبا.
الحديث عن الانسحاب أثار جدلاً دولياً، ومواقف متباينة، دعت أغلبها روسيا للتراجع عن قرارها، وهو ما أشار إليه الأمين العام للأمم المتحدة انطونيو غوتيرش بالأسف على هذا القرار، مشيراً إلى "أنه سيوجّه ضربة لجميع المحتاجين في كلّ مكان في العالم" وتعهد بالبحث عن سبلٍ لاقناع روسيا بالتراجع، فضلاً عما تضمنته تصريحات مسؤولي البيت الأبيض، فحديث وزير الخارجية أنتوني بلينكن يكشف عن حراجة الولايات المتحدة إزاء ما يحدث جرّاء تفاقم أزمة الحبوب، وعن الصعوبات التي ستجدها وهي تواجه ضغطاً عالمياً رافضاً لاستمرار الحرب في أوكرانيا، وهو ما كشف عنه آدم هودج، المتحدث باسم مجلس الأمن القومي الأميركي، في بيانه أن "مبادرة حبوب البحر الأسود كانت حاسمة في خفض أسعار المواد الغذائية في جميع أنحاء العالم"
تداعيات هذا القرار ستنعكس بشكل واسع على إجراءات تأمين الأمن الغذائي، وعلى سياسة توريد الحبوب الأوكرانية إلى دول إفريقيا وأميركا اللاتينية وغيرها، وهو ما تجدُ فيه روسيا توافقاً مع مصالحها، وأن دول الغرب توظفه للضغط السياسي عليها، وليس للحرص على الأمن الغذائي، فضلاً عن استغلاله لفرض سيناريو يضمن استمرار الحرب، مع تزايد حزم العقوبات الغربية على روسيا، وهذا ما يجعل القرار الروسي نوعاً من الضغط المضاد، فكثير من دول العالم ستدفع باتجاه وضع آليات جديدة لمواصلة استمرار العمل بهذه الصفقة، ومنها مايتعلق بمراعاة مصالح روسيا، التي أكدها الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بالقول: "إنه من الممكن تعليق العمل بالاتفاقية إلى حين تنفيذ الوعود التي قُطعت وتتعلق بمصلحة روسيا" رغم أنَّ الحكومة التركية، وهي إحدى الدول الموقعة على الاتفاقية، مازالت ترى أنَّ هناك فرصة لتمديد العمل بها لمدة مقبلة.