ما يحدث في أفريقيا

قضايا عربية ودولية 2023/08/01
...

علي حسن الفواز

تَكشف متغيرات الواقع السياسي والعسكري في قارّة أفريقيا عن معطيات جديدة، وعن وقائع ليست بعيدة عما يحدث في الصراع الدولي، وفي علاقتها بالانقلابات العسكرية التي شهدتها القارة السمراء، والتي ترتبت عليها تحولات سياسية مفارقة، فقبل أشهر أعلن قائد القوات الخاصة في جمهورية غينيا الانقلاب العسكري على حكومة الرئيس الفا كوندي، وقبل أيام أعلن قائد الحرس في جمهورية النيجر الانقلاب على حكومة الرئيس محمد بازوم ليشكّلا ثنائياً عسكرياً ذهبا به الى اختيار التمرد على ذاكرة الاستعمار الفرنسي، وليصنعا مع الانقلابيين في جمهوريتي مالي وبوركينا فاسو واقعاً جديداً أفقد الفرنسيين الكثير من امتيازاتهم السياسية وقواعدهم العسكرية والأمنية والاقتصادية، لاسيما في النيجر التي تُعد الممول الرئيس لفرنسا من مادة اليورانيوم التي تدخل في صناعتها النووية.
ردود الفعل الدولية على الانقلاب في النيجر تعكس خطورة ما جرى فيها، وخروجها عن السيطرة، ففرنسا والولايات المتحدة نددتا بالانقلاب الذي قاده رئيس الحرس الرئاسي، والاتحاد الأوروبي أشار على لسان جوزيب بويل مسؤول السياسة الخارجية في الاتحاد الأوروبي: إلى أن هناك عواقب وخيمة ستلحق بالانقلابيين، بما في ذلك "التعليق الفوري لكل الدعم الخاص بالميزانية"، كما أن الاتحاد الأفريقي أدان أيضا الانقلاب، وأعطى مهلة لمدة خمسة عشر يوماً للانقلابيين لإعادة السلطة إلى "الحكومة المنتخبة" من جانب آخر أدان مجلس الأمن الدولي في اجتماع طارئ الانقلاب العسكري في النيجر.  خطورة هذا الانقلاب – كما يقول المراقبون- ليست بعيدة عن معطياته السياسية والستراتيجية، فقد تزامن مع أعمال القمة الروسية الافريقية، وحضور الرئيس فلاديمير بوتين هذه القمة في سان بطرسبورغ، وتصريحاته بتقديم دعم مفتوح للدول الافريقية، فضلا عما أشارت إليه بعض وسائل الإعلام، والخاص بعلاقة الحدث الانقلابي بدعم "مجموعة فاغنر" الروسية التي يتواجد ألف مقاتل لها في جمهورية أفريقيا الوسطى، والتي وجدت في تمرد العسكر توسيعاً لمساحة عمل هذه المجموعة في أفريقيا، وهو ما قد يُعطي لهم زخماً في الضغط على عدد من الحكومات التي تعاني من أزمات داخلية ومن تهديدات تخصّ أمنها الغذائي، أو من الجماعات الإرهابية، وهذا ما يجعل من حركة الانقلاب العسكري في النيجر تبدو وكأنها ليست بعيدة عما حدث في جمهورية مالي وجمهورية بوركينافاسو، وربما ما حدث في تشاد بعد اغتيال الرئيس إدريس ديبي.