بريكس واقتصاد السياسة

قضايا عربية ودولية 2023/08/05
...

علي حسن الفواز

تمثل مجموعة بريكس الاقتصاديَّة التحدي الأكبر للغرب، ولمجموعة الدول السبع الكبارG7 وهذا ما يجعل برامجها وطموحاتها مفتوحة على خيارات مثيرة للجدل، لاسيما أنها تضمّ الدول الأكثر نمواً في الاقتصاديات العالميَّة مثل الصين وروسيا والهند والبرازيل وجنوب أفريقيا، فاقتصادها يزيد أكثر 20 % من الناتج المحلي الإجمالي العالمي، وتسيطر على نحو 18 % من التجارة العالمية، وهناك دول أخرى تطمح للدخول في هذه المجموعة الاقتصادية مثل الجزائر وإيران والسعودية ومصر والمكسيك والأرجنتين ونيجيريا وغيرها، وهذا ما يجعلها أمام استحقاقات تخصّ توسيع سياساتها الاقتصادية، وعلاقة بعضها بالشريك الأميركي والغربي.
وبقطع النظر عن التصريحات الأميركية بعدم اعتراضها، وأنها لا تُقيّد شركاءها بالدخول إلى البريكس، إلّا أنَّ واقع الأمر يعكس حرجاً أميركياً من تحوّل هذه المجموعة إلى كتلة اقتصادية لها طموحاتها الجيوسياسية، وقد تُهدد النظام الغربي وأسواقه وسياساته النقدية واستحواذه على 60 % من الناتج العالمي، فضلاً عن أنَّ شروعها بتأسيس "بنك التنمية الجديد" وسعيها لإيجاد عملة جديدة مشتركة بين دول المجموعة يهدف إلى مواجهة تحدٍّ لسياسات وبرامج صندوق النقد الدولي والبنك الدولي، وباتجاه يجعلها أكثر تحرراً من هيمنة الدولار وسياسة القطب الواحد، مقابل العمل على تحقيق نمو اقتصادي شامل يهدف إلى استيعاب تحديات الاندماج الاقتصادي والاجتماعي ومشكلات البطالة والتضخم والفقر وغيرها.
طموح العديد من الدول للانضمام إلى البريكس يعكس مدى الحاجة إلى التخلّص من تقلبات السياسات الاقتصادية الغربية، ومن هيمنة النمط الأميركي، والرغبة في أن تجد الاقتصادات الناشئة مجالاً للتطور والتنامي وتحسين أوضاعها الاقتصادية والمالية والاستثمارية على نحوٍ أفضل، وتفادي الوقوع في أزمات اقتصادية كالتي يعيشها الغرب بسبب أزمات الطاقة والتضخم والمناخ والحرب الأوكرانية الروسية.
من الصعب تحديد وضع رهانات مجموعة بريكس في سياق الكفاية الاقتصادية، فللمجموعة طموحات ليست بعيدة عن السياسة وعن الأمن، وهذا ما يجعل الولايات المتحدة أكثر حذراً في النظر إلى "المخفي" من سياسات المجموعة، ومن طموحاتها في الاستحواذ على الأسواق والاقتصادات العالمية وعلى التكنولوجيا المتقدمة وتنمية المهارات، وتحسين التجارة الدولية وبيئات الاستثمار، وإيجاد نظام جديد للدفع ولنظام الاتصالات المالية، وهو ما يعني تعزيزاً لدور روسيا والصين في مواجهة الولايات المتحدة وحلفائها وتحجيم سياسات الضغط والعقوبات التي تُفرض عليهما.