هل تجازف أميركا بالدخول في حرب مع إيران؟

قضايا عربية ودولية 2023/08/07
...

• تريتا بارسي
ترجمة: الصباح

أوردت صحيفة “واشنطن بوست” أن بايدن سوف يشرع بما وصفته “تصعيداً مشهوداً” في منطقة الخليج ربما سيؤدي إلى نشوب حرب بين الولايات المتحدة وإيران، حيث تدعي التقارير أن الرئيس الأميركي يتهيأ لإعطاء الإذن لمشاة المارينز والبحرية الإميركيين بالتمركز على متن السفن التجارية الراغبة في ذلك كمحاولة لثني إيران عن احتجاز ناقلات النفط في المنطقة.
يعتبر بايدن مسؤولاً بشكل أساسي عن خلق هذا الوضع بسبب مسارين اختارهما لسياسته.
المسار الأول هو اختياره التفاوض بشأن عودة أميركا إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة” بدلاً من عودتها إليها عن طريق أمر تنفيذي، متجاهلاً في الوقت نفسه العديد من العوامل الرئيسية التي جعلت دبلوماسية أوباما ناجحة مع إيران.
لا ريب أن إيران كان لها أيضاً نصيب لا ينكر في خلق المشكلات أثناء المحادثات، ولكن بايدن باختياره العودة عن طريق المفاوضات قد اختار أيضاً الإبقاء على عقوبات ترامب نافذة رغم أن كبار المسؤولين في إدارة بايدن سبق لهم أن حملوا حملة شعواء على ستراتيجية الضغط الأقصى التي مارسها ترامب ووصفوها بأنها إخفاق مزر.
بَيْدَ أن ستراتيجية ترامب في ممارسة الضغط الأقصى غدت اليوم ستراتيجية بايدن، وكان من بين عناصر هذه الستراتيجية مصادرة النفط الإيراني في أعالي البحار، تعارضاً مع القانون الدولي، كوسيلة لفرض العقوبات الأميركية على إيران. عندئذ ردت إيران، كما كان متوقعاً، باستهداف شحنات النفط العائدة للدول المتعاونة مع بايدن في هذا الأمر. دفع هذا الموقف بايدن إلى تكثيف الحضور العسكري الأميركي في الخليج لردع الإجراءات الإيرانية التي ما ابتدأت أصلاً إلا كنتيجة لسياسات بايدن نفسه.
بَيْدَ أن بايدن قد يكون الآن بصدد الوقوع في “تصعيد ملحوظ” لهذه السياسة التي ربما تسفر عن ارتدادات عكسية من خلال إدخاله إلى الخلطة جنوداً أميركيين بشكل مباشر، وهذا قد يكون جزئياً من تبعات سياسته الثانية التي أعطاها الأولوية وهو على خطأ. المقصود بهذا اتفاقات إبراهام واستدراج السعودية إلى تطبيع علاقاتها مع اإسرائيل.
تطالب المملكة العربية السعودية بإقامة اتفاق أمني مع الولايات المتحدة قبل الموافقة على تطبيع علاقاتها مع إسرائيل والتخلي عن الفلسطينيين. تملي الحكمة على بايدن عدم المضي في هذا السبيل لكنه، كجزء من محاولات التقرب من السعوديين، يعتقد أن عليه إظهار الاستعداد لدخول حرب في الشرق الأوسط، وهو التزام لا تصدق سوى قلة قليلة في المنطقة أن الولايات المتحدة تعنيه.
وضع جنود من مشاة البحرية الأميركيين على ناقلات النفط قد تكون الغاية منه إرسال إشارة إلى محمد بن سلمان مفادها أن بايدن جاد بشأن الدفاع عن المملكة السعودية ضد إيران، وأن حقبة الانسحاب الأميركي من الشرق الأوسط (الوجيزة جداً) قد انتهت.
من المدهش رؤية كم تمكن محمد بن سلمان من أن يتلاعب ببايدن، فهو قد نجح في دفع الرئيس الأميركي إلى قلب العديد من السياسات التي تعارضها المملكة السعودية رأساً على عقب، مثل العودة إلى “خطة العمل الشاملة المشتركة” وخفض التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، وسحب القوات الأميركية من الشرق الأوسط وإعادتها إلى أرض الوطن.
مقابل ذلك تحصل إسرائيل على التطبيع وهي ماضية في ضم الأراضي الفلسطينية، بينما تفوز أميركا مرة أخرى بفرصة العيش على حافة الحرب مع إيران.

• عن مجلة “رسبونسبل ستيتكرافت”