ما يجري في مُخيم عين الحلوة

قضايا عربية ودولية 2023/08/12
...

علي حسن الفواز



ما يدور في مخيم عين الحلوة من صراع مُسلّح بين الفصائل الفلسطينية يكشف عن مأزق خطير، وعن تحوّل في مسار الحوارات الفلسطينية - الفلسطينية التي تمت برعاية تركية ومصرية، والدعوة الى إنهاء الانقسام بين القوى الفلسطينية، فضلاً عن علاقة هذا الصراع بالواقع اللبناني، وانعكاس تداعياته على البيئة السياسية اللبنانية، والخوف من امتداده خارج المخيم، وهو ماجعل القوات اللبنانية تقوم بتطويق المخيم لتدارك الأخطار المحتملة من تفاقم ذلك الصراع، ولمنع تحوّل أعبائه إلى عوامل ضغط على الواقع اللبناني الذي يعاني من مشكلات سياسية واقتصادية واجتماعية صعبة.

اشتباكات مخيم عين الحلوة الذي يؤوي بحدود 100 ألف لاجئ فلسطيني ليست جديدة، لكن خطورتها ارتبطت باغتيال قائد الأمن الوطني التابع لمنظمة التحرير، وعن ارتباط عملية الاغتيال – كما تقول التقارير - بعودة عدد من الفلسطينيين الذين تم طردهم من تركيا وسوريا إلى المخيّم، وبقطع النظر عن الأسباب التي تقف وراء ذلك، إلّا أنَّ الحادث يعكس مدى الاحتقان الذي تعيشه القوى السياسية وحتى الأمنية في المخيم، ورغم أنها قابلة للتوسّع، إلّا أنَّ الخشية من تحولها إلى صراع مفتوح بين القوى الفلسطينية، أو إلى مجال للتدخلات الإقليمية والدولية، سيدفع إلى اتخاذ إجراءات سريعة لتطويق الحدث ومنع التدهور، والعمل على فرض إيقاف إطلاق النار، تمهيداً لعودة النازحين من الاشتباكات إلى المخيم، ولإجراء تحقيق موضوع عن الأسباب التي تقف وراء الاغتيال وإطلاق النار.

تعدد قراءات الحدث، يعني تعدد المواقف، وبما يجعل عملية الاغتيال، والدخول في نزاع مسلح بين الفرقاء الفلسطينيين ليس بريئاً، وليس بعيداً عن الأزمات العربية، ولا عن البحث عن توافقات فلسطينية، ولا عن توجهات البعض للتعاطي المتناقض بين موضوعات التطبيع والمقاومة واتفاقات أسلو، فضلاً عن الموقف من منظمات حماس والجهاد الإسلامي ورؤيتها للحلول السياسية للقضية الفلسطينية. 

تأزيم الأوضاع في المخيمات، يجعل من الصراع في “عين الحلوة” مدخلاً للخوف من ذاكرة “مخيم اليرموك” في سوريا، ومخيم “نهر البارد” في لبنان، فضلاً عن الحديث عن خطورة استمرار الانقسامات الفلسطينية، وعن دور اللوبي الإسرائيلي، وحتى الدولي في توسيعه، ليس لمنع إيجاد حلّ حقوقي للقضية، بل لابتلاع القضية، وتحويلها من قضية تاريخية إلى قضية لجوء، وإلى تجريد القوى الفلسطينية من أدواتها السياسية والعسكرية، لربطها بحلول لها حساباتها الإقليمية والدولية.