عمان: يعرب السالم
"يغزل التشكيل وشاياته الفنيَّة في الغربة ويجعل من الفنان أكثر حساسيَّة لمحيطه، بل ينعكس على كيفيَّة تقبله ورفضه للأشياء فيفض بكارة الألوان على قطعة قماش بيضاء ليتجسد الإبداع مع قساوة الاغتراب".
صعوبة البدايات في معهد الفنون الجميلة ثم الأكاديميَّة في بغداد والتأثر والتعلم من تجارب الفنان الكبير رافع الناصري في الكرافيك والفنان سعد الطائي، وكذلك الاطلاع على تجارب الآخرين والاستمرار والإصرار على سبر غور أنواع وفنون التشكيل، كلها أسهمت في تشكيل هويتها الفنيَّة المميزة التي عرفت بها التشكيليَّة جانيت المرادي.
انتماؤها للمدارس يكون حسب موضوع اللوحة، لكنَّ المميز في أعمالها هو الواقعيَّة التعبيريَّة وكذلك التجريد، فهي تجد في الواقعيَّة التعبيريَّة الصدق والمناجاة للنفس فترسم تلك الصور العالقة في الذاكرة عن شناشيل البصرة، وأزقة بغداد، والبيوتات الطينيَّة، أشبه بوسمٍ يؤرق ويؤنس غربتها، ويقربها من حميميَّة الحكايات البغداديَّة القديمة.
غربتها في المهجر أخذت منها اللغة والأصدقاء والابتعاد عن الأهل والأقارب، لكنها قربتها من التجارب الفنيَّة ووسعت مداركها في مجال الرسم والنحت، وأعطتها الفرصة لإكمال الدراسة حتى مرحلة الدكتوراه. وكذلك المشاركة في المعارض الفنيَّة المتنوعة العالميَّة.
طموحها لم يتوقف، فهي الفنانة وكذلك الأكاديميَّة في مجال الفن التي تسعى لأنْ تكون لوحاتها ذات صدى عالمي، مثلما هي سعيدة بكل أعمالها الفنيَّة التي صنعت منها فنانة لا بُدَّ أنْ تذكرَ في كل المحافل الفنيَّة.
تهتم المرادي بالمشاركة في المعارض الفنيَّة مع الفنانين العرب والأجانب، ويبقى في ذاكرتها المعرض الذي جمعها بأصدقاء الفن بعد طول غياب في المملكة الأردنيَّة الهاشميَّة في المركز الثقافي الملكي الذي حمل عنوان (أحلام امرأة).
اهتمت المرادي بالفن؛ لأنَّه يخاطب الوجدان والإنسانيَّة والسلام الكامن في النفس البشريَّة، وهو لغة تعبير خاصة مفعمة بالحس. وبالنسية لها فإنَّ الغربة جعلتها أكثر حساسيَّة للأشياء وللمحيط من حولها، وقد تجسد ذلك في طريقة تناولها للموضوعات الفنيَّة وكيفيَّة تعاملها مع الألوان، وتصرُّ كذلك في حديثها لـ"الصباح" على قساوة الاغتراب.