إحصائيات مرعبة

الصفحة الاخيرة 2023/08/28
...

عبد الهادي مهودر



في غمرة انشغال العالم بالأزمات والحروب وتركيز الاهتمام على النوع وأخواته، يتراجع الاهتمام بشريحة الأطفال، وإذا كانت للنساء منظمات وأصوات عالية تسمع في كل مكان، فالأطفال لا يملكون القدرة على الدفاع عن أنفسهم بالكلمات ولا بالأفعال، وتتولى هيئة رعاية الطفولة، مشكورةً، واجب الدفاع عنهم، وأصبح  مقتل نصف مليون طفل في السودان وتشريد أضعاف هذا العدد في النزاع المسلح، خبراً يقف أمامه العالم عاجزاً عن فعل أي شيء إلا بيانات الاستنكار، والأكثر بشاعة منه خبر إجهاض أكثر من 300 مليون ولادة في الصين بسبب سياسة الطفل الواحد، ونقص أعداد النساء بعشرات الملايين بهدف وقف الزيادة السكانية، وفي كوكب العراق تهز المجتمع صور الأطفال المعنّفين في وسائل الإعلام والتواصل الاجتماعي، عدا العنف الذي لا يصوّر ولا يطلع عليه أحد، وإذا كانت مفارز وزارة الداخلية والشرطة المجتمعية لا تتأخر في الوصول إلى عناوين الأشخاص الذين يتلذذون بتعذيب الأطفال، فكيف يتم الوصول إلى أولئك الذين لا يسجلون حفلات التعذيب والتعنيف، التي لا يبررها ضيق المساكن وارتفاع درجات الحرارة وانطفاء الكهرباء والعطلة الصيفية والخلافات الزوجية مهما بلغت، مع أن الفقر هو رأس كل المشكلات، وعلى الرغم مما نسمعه ونشاهده من حالات تعنيف للأطفال إلا أنها تبدو غريبة على مجتمعنا، ونتمنى أن تكون الأرقام الكبيرة التي تنشر عن الأطفال مبالغاً بها، لاسيما أن الأرقام الكبيرة لا تتوقف عند حالات تعنيف الأطفال بنسبة 80 بالمئة، بل تتعداها إلى حرمان مليون طفل من الصحة والغذاء والتعليم، ومثلها نسبة المدمنين على المخدرات التي بلغت نحو 50 بالمئة وسط فئة الشباب، وإن النسبة الأكبر للتعاطي تصل إلى 70 بالمئة في المناطق والأحياء الفقيرة التي تكثر فيها البطالة، ومبعث الاستغراب من هذه الأرقام والنسب الكبيرة التي تعلنها جهات رسمية، هو كيف يحصل ذلك في ظل القوانين والدعم الحكومي والعدد الكبير من الجهات المعنية بشؤون الأطفال، إلى جانب برامج المنظمات الدولية الداعمة؟ وكم سيبقى من الأطفال والشباب والأسر سالمين وناجين من هذه المشكلات إذا صحت هذه النسب المئوية؟ وعلى الرغم من أن إحصائياتنا تهون أمام إحصائيات دول العالم، ومن يرى مصيبة غيره تهون عليه مصيبته، إلا أنها إحصائيات مرعبة لا يستهان بها، وتستدعي لمواجهتها استنفار كل إمكانات الدولة والمجتمع.

اتركوا كل شيء وانقذوا الطفل والشاب والأسرة العراقية التي تواجه حملات منظمة لتفكيكها بالإباحية والعنف والمخدرات.

وبانشغال منابر الإصلاح عن الإصلاح.