حاكميَّة {الفيسبوك}
عبد الهادي مهودر
للفيسبوك وأخواته حاكمية عليا تتفاوت بالأرقام والاستخدام والتأثير، وتشاكس الحاكميات الأخرى السياسية والدينية والاجتماعية، ولخطورة مواقع التواصل الاجتماعي، بات الجميع يحصّن دفاعاته ويجيّش لها الجيوش، ويقحمها في ميدان المعركة، ليسهم في صناعة وتوجيه الرأي العام نحو قضيته، بينما يبقى حجم الإنفاق الكلي على صفحات مواقع التواصل سراً مجهولاً لا يقدر على اكتشافه أحد، بكل ما في الإنفاق من جهد ووقت ومخاطر وفساد وإفساد.
ومن إيجابيات حاكمية الفيسبوك في الدولة العراقية المتباينة الاتجاهات والمعتقدات، أنه أعاد التوازن إلى التفاعل المفقود بين مؤسسات الدولة ووسائل الاعلام، ونادراً أن ترد جهة رسمية أو غير رسمية على مقال رأي منشور في الصحافة الورقية مهما أثار من ملاحظات خطيرة واقتراحات مهمة، لكنها تستجيب على الفور لمنشور في الفيسبوك ومواقع التواصل الأخرى، والأمثلة كثيرة وآخرها قضية بيت العلامة علي الوردي، التي حلّت رقمياً بعد استعصاء الحل والإخلاء قضائياً لأربعين عاماً، حتى نفذته وزارة الداخلية إستجابة لمناشدة بثتها ابنة الوردي على صفحتها الشخصية، وفي هذا الخضم تحسب الحاكميات الكبيرة حساباً لحاكمية الفيسبوك وشعبيته، وتستجيب له قبل أن يرتد إليه طرفه، وليس انتقاصاً القول بأن دولتنا (فيسبوكية)، لكونها تستجيب لما ينشر من ملاحظات ومناشدات ومطالب في صحيفة المواطن الشخصية المحررة والمطبوعة والمنشورة بيده وعلى مسؤوليته، وهو صاحب الامتياز ورئيس التحرير المسؤول والموزع الأول قبل أن يسري منشوره كالنار في الهشيم ، كما ليس مستغرباً توجه ملايين العراقيين نحو مواقع التواصل الاجتماعي، لكسر الحواجز والوصول، مضطرين الى مكاتب المسؤولين حين تستعصي المقابلات، وعلى هذا الأساس كان توجيه رئيس الوزراء محمد شياع السوداني للوزراء بتحديد يوم للمقابلات أسبوعياً توجيهاً في محله، فليس معقولاً ألا يسمع المسؤولون أصوات الناس، إلا حين تتعالى الاستغاثات في مواقع التواصل الاجتماعي، وكم أعاد الفيسبوك من حقوق وأنصف مظلومين، وكم تسبب بانطباعات وأحكام خاطئة ومضللة، وكم صنع نجوماً ومشاهير ومبدعين عن جدارة، ونجوما ومشاهير هابطين.
وحسب آخر إحصائية لمركز الإعلام الرقمي، فقد بلغ عدد مستخدمي الفيسبوك في العراق، 17.95 مليون مستخدما بنقصان 900 الف مستخدم عن إحصائية العام الماضي، ومنصة تيك توك 23.88 مليون مستخدما نشطا، ومنصة يوتيوب 24.30 مليون مستخدماً، وهذا التناقص في أعداد مستخدمي الفيسبوك لصالح مواقع التواصل الأخرى، لا يقلل من فاعليته وشعبيته، ليبقى حاضراً في كل صغيرة وكبيرة، ويكفي أننا نفتح صفحاتنا في الصباح الباكر قبل أن نغسل وجوهنا، لنفاجأ بخبر سار أو مزعج أو بصورة صديق عند قبر جدته في ذكرى رحيلها المبكر.
المقتبس
ونادراً أن ترد جهة رسمية أو غير رسمية على مقال رأي منشور في الصحافة الورقية مهما أثار من ملاحظات خطيرة واقتراحات مهمة، لكنها تستجيب على الفور لمنشور في الفيسبوك ومواقع التواصل الأخرى