عين الحلوة واشتباك الجماعات

قضايا عربية ودولية 2023/09/13
...

علي حسن الفواز



لم تعد الاشتباكات العنيفة في مخيم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين محصورة في بعدها العسكري، بل باتت أمام وقائع يدخل فيها الأمني والسياسي، ولحسابات تحتاج إلى كثير من المراجعة، لاسيما أن تجددها قابل للاتساع، ولفرض معطيات معقدة على الحوار الفلسطيني الفلسطيني، وعلى آفاق مواجهة التحديات الإسرائيلية، وإجراءاتها التعسُّفية داخل الأراضي المحتلة..

التحدّي العسكري للصراع في المخيم سيكون مصدر قلق للحكومة اللبنانية، ولزيادة أزماتها السياسية والاقتصادية، ولتحويل الجنوب اللبناني إلى منطقة ساخنة، قد تنعكس على توصيفات الطابع الأمني للحدود اللبنانية الإسرائيلية، وللإجراءات التي تقوم بها جهات دولية تسعى إلى إعطاء صلاحيات استثنائية لقوات اليونيفيل الدولية، والتي قد تُستخدم في خلط الأوراق، وفي إثارة المزيد من القضايا الخلافية..

كما أن الطابع "الآيديولوجي" لهذا الصراع بين عناصر من حركة فتح و جماعات إسلامية متشدِّدة، يعكس تنامي أخطار الكراهية في مجتمع المخيَّمات من جانب، وأخطار بروز جماعات الفكر التكفيري من جانب آخر، لاسيما أن قوات الجيش اللبناني سبق أن واجهته في أماكن متعددة، وعلى نحوٍ أحدثَ ضرراً في تقويض كثير من مبادرات الحوار الفلسطيني، وفي تعزيز المواقف السياسية التي تحمي حقوق الشعب الفلسطيني..

تجدّد هذه الاشتباكات بين فتح وقوى الأمن الفلسطيني من جهة و الجماعات المتشددة من جهة أخرى، بعد أن توقفت جولتها الأولى في الرابع من شهر آب الماضي، يضع علامات استفهام أمام الطابع المعقَّد والمخفي لهذه الأزمة، ولعدم قدرة القوى السياسية الفلسطينية واللبنانية على إيجاد معالجات ناجعة لها، فضلاً عن محدودية دور قوات الجيش اللبناني في احتواء هذا التصعيد الذي يمكن أن ينذر بتداعيات خطيرة، وباتجاهٍ قد يهدد بنزوحات فلسطينية إلى مناطق آمنة في مدينة صيدا، وهو ما تخشاه الحكومة اللبنانية جرّاء تفاقم تلك الاشتباكات واتساع نطاقها..

الاتصالات المكثَّفة التي تجريها الجهات المعنية، قد تُسهم في عقد هدنة مؤقتة بين المتحاربين، لكنها لن تمنع من تجددها، ومن تفاقم تداعياتها، لاسيما أن البحث عن معالجة دائمة لهذه الأزمة يتطلب دعماً سياسياً وأمنياً لإجراءات لجنة العمل الفلسطيني المشترك، بالكشف عن العناصر التي تقف وراء اغتيال أبو أشرف العرموشي قائد قوات الأمن الوطني في المخيم، فضلاً عن وضع حل أمني لمنع تواجد الجماعات المتشددة داخل المخيَّم وإخضاع السياسات الإطارية فيه إلى مسؤوليات الجهات الفلسطينية المختصة بالتنسيق مع الحكومة اللبنانية.