بكى {لوريا}.. متى يضحك؟

الصفحة الاخيرة 2023/09/17
...

محمد غازي الأخرس
حين تظهر هذه المقالة، تكون امتحانات الدور الثاني للسادس الإعدادي (البكالوريا) قد ابتدأت، وأتمنى أن تمضي بسلامٍ ليمضي معها قلق آلاف الأسر التي تنتظر مصير بناتها وأولادها الذين يطمحون لتحقيق أحلامهم، وعلى رأس هذه الأحلام الوصول إلى ما يؤهلهم لدخول المجموعة الطبية. نعم، صارت الامتحانات في السنين الأخيرة مرهونة بتحقيق هذا الحلم بالذات، فبات هم العائلة الأول عبور سقف التسعين كمعدل يسمح بدراسة بعض التخصصات الطبية سواء في التعليم الجامعي الأهلي أو خارج العراق. هي ظاهرة عجيبة تستحق وقفة خاصة، فالعائلة العراقية اليوم تستقتل لإدخال أبنائها إلى المجاميع الطبية بأية طريقة، والسبب هو ضمان الحصول على وظيفة حكومية. فالمجاميع الطبية هي الوحيدة التي تضمن ذلك، في وقت يضع أصحاب التخصصات الأخرى شهاداتهم في الأدراج بمجرد تخرجهم، ويظلون جالسين بانتظار المعجزة. ابنتي مثلا خريجة هندسة نفط منذ سنتين، لكنها لم تجد فرصة عمل، لا في الدولة ولا القطاع الخاص، وهو شأن عشرات ومئات الآلاف للأسف. 

على أنني لست معنياً بهذا المحور اليوم، بل ما يعنيني هو قول كلمة انصاف بحق وزارة التربية وكوادرها الرائعة، من أكبر مسؤول إلى عاملات التنظيف والحراس ذوي الوجوه المتعبة والأرواح اللائبة من الحر. زوجتي مثلاً، تكلف كل عام تقريباً بإدراة هذا المركز الامتحاني أو ذاك، لذلك هي، منذ أيام، محنية الظهر على مائدتها الصغيرة تسابق الزمن لتهيئة أوراق مركزها. ليست هي فقط، لا بل البيت كله يعيش حالة إنذار معها في مثل هذه الأيام. 

أي والله، هذه الوزارة تستحق شكراً خاصاً منا، نحن الآباء والأمهات المتطلعين لمصير أبنائنا. أقول ذلك لأنني على تماس مع كل شيء عبر اليوميات التي تقصها عليّ زوجتي ناقلة معاناة يومية لا تنقضي تصادفها الكوادر التدريسية والإدارية كي تمضي الأمور بنجاح. صحيح أنه قد تحدث أخطاء ما لا سيما خلال الامتحانات، من قبيل تسرب الأسئلة أو حدوث التباسات في التصحيح، لكن مثل هذه الأخطاء تبدو هينة قياساً لحجم العمل الهائل المناط بالوزارة الخدمية الأولى في البلد، ففي آخر إحصائية نشرت العام الماضي، بلغ عدد طلبتها الكلي ما يقرب من 13 مليون طالب، في حين تجاوز عدد المعلمين والمدرسين سقف الـ 750 ألف معلم ومدرس، أضيفت لهم عشرات الآلاف هذا العام.

الأمر كذلك حقاً، وزارة التربية تحتاج إلى دعم استثنائي من الحكومة والبرلمان ومن الناس لتتخطى وضعها الصعب، وليتقدم معها التعليم المتراجع قياساً للعالم. في هذا الموسم بالذات، أرى أن الوزارة قللت الكثير من الأخطاء التي رأيناها سابقاً، لم تتسرب أسئلة، ولم تحدث أخطاء في التصحيح، وحقق الطلبة معدلات جيدة رغم ما قيل عن صعوبة أسئلة بعض المواد. والآن ندعو الله أن تتكلل امتحانات الدور الثاني بالنجاح، فلعل بيتي يهدأ بعدها، ويتوقف (لوريا) عن البكاء، ثم يضحك عبر ثغر ابني حسوني، الذي سيمتحن مع زملائه. 

قولوا آمين