غزّة تُذبح أمام أنظار العالم
القدس المحتلة: وكالات
مع دخول عملياتها العسكريَّة غير المسبوقة يومها الرابع، أمس الثلاثاء، أعلنت حركة المقاومة الإسلامية «حماس»، النفير العام يوم الجمعة المقبل في «جمعة طوفان الأقصى» في العالم العربي والإسلامي، نصرةً للقدس والأقصى وغزة، وبينما سقط أكثر من 700 شهيد بينهم 7 صحفيين وقرابة 4 آلاف جريح فلسطيني جراء المذبحة التي يرتكبها جيش الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، واصلت دولة الاحتلال حشد قطعانها البشرية من أرجاء أوروبا لتجنيدهم في جيش الاحتياط الذي تجاوز 300 ألف عنصر.
وقالت «حماس» في بيان لها: «نشدّ على أيادي شبابنا الثائرين في عموم الضفة الغربية والقدس المحتلة، للانتفاض والخروج في حشود هادرة، والاشتباك مع جنود الاحتلال في كل مكان»، تأكيداً على «وحدة المصير والمسار نحو القدس والأقصى وتحريرهما من دنس الاحتلال الفاشي».
ووجّهت الحركة دعوة إلى الأهالي في الداخل المحتل عام 48، قائلة إنَّ «هذا اليوم يومكم لتنفروا وتحتشدوا وترابطوا في المسجد الأقصى المبارك، ولتتوحدوا مع أبناء شعبكم في غزة والضفة».
وأضاف البيان أنَّ «المقاومة الفلسطينية، وفي مقدّمتها كتائب عزّ الدين القسّام، تسطّر أروع صور ملاحم البطولة والفداء ضد الاحتلال الإسرائيلي، دفاعاً عن الأرض والقدس والمسجد الأقصى المبارك، وذوداً عن كرامة المرابطات من حرائر فلسطين، وانتصاراً لأسرانا الأحرار وأسيراتنا الماجدات، نيابة عن الأمَّة قاطبة»، ودعت أحرار العالم إلى التضامن مع الشعب الفلسطيني ومقاومته، قائلةً: إنَّ «يوم الجمعة، هو يوم لحشد التأييد والدعم والمشاركة».
كما دعت الحركة جماهير الأمة العربية والإسلامية والشعب الفلسطيني في كل مكان وفي مخيمات اللجوء والشتات، إلى “الزحف نحو حدود فلسطين في حشود ضخمة، من أجل إعلان التضامن مع فلسطين والقدس والأقصى، ومن حالت دونهم الجغرافيا فليحتشدوا في أقرب نقطة نحو القدس المحتلة”. يأتي ذلك في وقت تتواصل عملية طوفان الأقصى، التي نفذتها المقاومة الفلسطينية في مستوطنات غلاف غزة، ويواصل جيش الاحتلال تحديث قوائم القتلى في صفوفه تباعاً، إذ بلغ العدد الإجمالي، بعد الإعلان عن القائمة الجديدة أمس الثلاثاء، 124 قتيلاً، مع وجود توقعات بأن يزداد هذا الرقم مجدداً، وأفادت وسائل إعلام إسرائيلية بوقوع 1000 قتيل إسرائيلي، من جراء معركة “طوفان الأقصى”، مشيرةً إلى أنَّ عدد القتلى “يواصل الارتفاع، والعدّ لا ينتهي”.
وفي وقت سابق، أعلن المتحدث باسم جيش الاحتلال مقتل نائب قائد اللواء 300 في فرقة الجليل، عليم سعد، وذلك خلال اشتباك على الحدود اللبنانية- الفلسطينية.
وفي غضون ذلك، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بـ”إخلاء كل المستوطنات المحاذية لغلاف غزة حتى مسافة 4 كلم”، وذكرت أنَّ “مجموعات من الفلسطينيين في عدة آليات توجّهت نحو غلاف غزة”، مشيرة إلى وقوع اشتباكات كثيفة عند تقاطع “سعد”.
إلى ذلك، تواصل القصف على قطاع غزّة، إذ قصفت مدفعية الاحتلال الإسرائيلي بكثافة شرقي مدينة غزة وجباليا، كما تواصلت الغارات الإسرائيلية العنيفة على أحياء القطاع السكنية، وأظهرت مشاهد مصوّرة تسوية حي الرمال في غزة بالأرض وتدمير بيوت وبنايات على رؤوس ساكنيها من النساء والأطفال، وأعلن مسؤول حكومي في غزة أنَّ الجيش الإسرائيلي ارتكب مجازر بحق 15 عائلةً في القطاع بعد قصف منازلها بشكل مباشر.
ووفق آخر حصيلة لوزارة الصحة الفلسطينية، فقد بلغ عدد شهداء المجزرة الإسرائيلية 704 إضافة إلى جرح 3900 مدني نصفهم من النساء والأطفال، كما استشهد 7 صحفيين وأصيب 10 آخرون بجروح خطيرة في غارة إسرائيلية استهدفت بناية تضم مكاتب إعلامية في وسط غزة.
وعلى الرغم من الأوضاع الصعبة التي يعانيها القطاع أصلاً بسبب الحصار الإسرائيلي، شدّد الاحتلال حصاره، وأمر وزير الطاقة الإسرائيلي يسرائيل كاتس بقطع إمدادات المياه من الأراضي المحتلة إليه، إضافة إلى قطع الكهرباء والوقود والغذاء.
وقالت منظمة “هيومن رايتس ووتش” الحقوقية: إنَّ تصريحات وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت الأخيرة بشأن الفلسطينيين “دعوة لارتكاب جرائم حرب”.
وأمس الأول الاثنين، قال غالانت: “نفرض حصاراً كاملاً على مدينة غزة، لا كهرباء ولا طعام ولا ماء ولا وقود، كل شيء مغلق، نحن نحارب حيوانات بشرية ونتصرف وفقاً لذلك”.
المنظمة التي تتخذ من مدينة نيويورك الأميركية مركزاً لها، وصفت في تدوينة لها عبر منصات التواصل الاجتماعي، أمس الثلاثاء، تصريحات غالانت بـ “المقززة”، وطالبت المنظمة محكمة العدل الدولية برصد تصريحات الوزير الإسرائيلي، منتقدة “المعاقبة الجماعية” للفلسطينيين عبر قطع الكهرباء والماء والطعام والوقود عنهم.
وفي ظل أزمة جنود الاحتياط في جيش الاحتلال، بعد التمرد الذي أعقب التعديلات القضائية، أفاد الإعلام العبري بأنَّ سلاح الجو الإسرائيلي نقل مئات الجنود من مختلف أنحاء أوروبا إلى “إسرائيل”.
ونقلت “القناة 12” الإسرائيلية، عن ناطق باسم جيش الاحتلال، أنَّ “طائرات سلاح الجو أعادت إلى إسرائيل مقاتلي الجيش الذين كانوا في الخارج، للمشاركة في القتال في عملية (السيوف الحديدية)” التي أطلقها رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو.
وأضاف: “كجزء من جهود الجيش، لجمع قوات إضافية لمواصلة القتال، طارت طائرات سلاح الجو الإسرائيلي من طراز (وحيد القرن) و(شمشون)، إلى إسرائيل الليلة الماضية، حاملةً المئات من المقاتلين الذين كانوا في بلدان مختلفة في جميع أنحاء أوروبا”.
وأكّد المتحدث الإسرائيلي أنه “يتم تنسيق وصول الطائرات والمقاتلات إلى إسرائيل من قبل وزارة الخارجية، وقسم العمليات والقوات الجوية، وقسم الستراتيجية، والدائرة الثالثة في الجيش الإسرائيلي”.
وأعلنت دولة الاحتلال، أمس الأول الاثنين، استدعاء 300 ألف من جنود الاحتياط، منذ السبت، في إطار الحرب التي تشنّها على قطاع غزة. وكانت صحيفة “هآرتس”، قد لفتت في مقال إلى كمية النقص الهائل في مستودعات الجيش، وقال كاتب المقال فيها إنه اكتشفها صدفة بعد منشور على “فيسبوك”، وقد “صدمه نقص الدروع بأعداد هائلة للمجندين”، بالإضافة إلى تجهيزات أساسية أخرى، وتوجّه الكاتب إلى رؤساء إسرائيل والجيش محذّراً: “لا تغامروا بالدخول إلى غزة طالما لم تزودوا مقاتلينا بدروع سيراميك”.
وأكّدت صحيفة “يديعوت أحرونوت” في وقت سابق، أنَّ التقديرات تشير إلى أنَّ عدد القتلى الإسرائيليين من جراء ملحمة “طوفان الأقصى” يفوق 1000، مشيرةً إلى أنَّ عدد الأسرى لدى المقاومة الفلسطينية يزيد على 150.
من جانب آخر، ذكرت مجلّة “فورين بوليسي” الأميركية أنَّ الدول الأوروبية تشعر بالقلق بسبب “عدم قدرتها على إرسال مساعدات عسكرية لإسرائيل”، وذلك بعد استنزاف احتياطاتها نتيجة إرسالها إلى أوكرانيا.
وذكرت المجلّة أنَّ الدول الأوروبية ناقشت إمكانية تقديم مساعدة عسكرية لـ”إسرائيل”، مُشيرةً إلى أنَّ العديد من المسؤولين الأوروبيين قلقون بسبب أنَّ “المساعدات المُرسلة مِن قِبلهم إلى أوكرانيا، لم تبقِ لديهم أي شيء تقريباً”، وصرّح مسؤولٌ ألماني، رفض الكشف عن اسمه للمجلّة، بأنّه “بسبب أوكرانيا، نواجه نقصاً كبيراً في الذخيرة”.
وتساءلت المجلّة، في تقريرٍ نشرته أمس الأول الاثنين، بشأن “ماذا ستفعل روسيا نتيجة الفوضى التي أحدثتها غزة”، مؤكّدةً أنَّ “الحرب محتملة على جبهتين في الشرق الأوسط”، في إشارةٍ إلى إمكانية اشتعال جبهة شمالي فلسطين المحتلة، وأن تكون لها آثار غير مباشرة في أوروبا.
ويشعر المسؤولون والخبراء الأوروبيون، بالقلق من أنَّ روسيا قد تستغل التداعيات التي رافقت هجوم المقاومة الفلسطينية على المستوطنات الإسرائيلية، حيث يخشى المسؤولون الأوروبيون أنَّ التطورات مِن الممكن أن “تدفع الكرملين إلى الاقتراب أكثر من إيران، كونها حليفة فصائل المقاومة الفلسطينية”، حسب ما قالت المجلة.
وأشارت المجلّة إلى تصريحاتٍ سابقة لوزير الدفاع الإيطالي، غويدو كروزيتو، بأنّ سلطات بلاده فعلت الكثير لدعم أوكرانيا، وأنّه ليس هناك “إمكانيات أكبر بسبب محدودية الموارد لدى روما”.
كما ذكّرت بإعلان الرئيس البلغاري، رومين راديف، أنَّ أوروبا لم تعد قادرة على تحمل استمرار النزاع في أوكرانيا، مُشدّداً على أنَّ إرسال المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا “لن يؤدي إلى تسوية النزاع”.