معتقداتٌ رقميَّة

الصفحة الاخيرة 2023/10/17
...

حسن العاني



إذا تجاوزنا الأدوار الرئيسة للأرقام في شتى الميادين العلميَّة والعمليَّة، وحضورها المذهل في الموازنة العراقيَّة التي لم يخلق مثلها في البلاد، فإنَّها بالمقابل رافقت المسيرة البشريَّة منذ أزمنة بعيدة، عندما أصبحت نافذة واسعة للغيبيات، وللمشتغلين بالسحر والتمائم والتعاويذ، والعاملين بقضايا فلكيَّة معينة تعنى بالتعرف على ما يمكن أنْ يتعرض له الإنسان من خيرٍ أو شر، وكيف بمقدوره اغتنام فرص الخير وتجنب مخاطر الشر، ومما شجّع على انتعاش العديد من هذه الفعاليات، هو أنَّ لكل حرف من حروف اللغة (رقمًا)، فإنْ كان اسم فتاة من (4) حروف، مجموع أرقامها (كذا).. إلخ، فالنتيجة أنها ستتزوج بعد (3) أشهر، وتسمع الفتاة الحكاية وهي أسعد من سعيد أفندي، ثم تمضي (3) سنوات ولا يتقدم أحدٌ لطلب 

يدها.

ولا بُدَّ أنَّ المعطيات الهندسيَّة لأشكال الأرقام قد أغنت الفن التشكيلي – الرسم على وجه الخصوص – فظهرت آلاف اللوحات التي اتخذت من الأرقام رموزاً وإشارات ودلالات!

هكذا أصبحت الأرقام مع تعاقب الأزمنة ركناً مهماً من أركان المعتقدات الشعبيَّة القائمة أحياناً على أساسٍ منطقي على غرار المضيف العراقي مثلاً، حيث دخل الرقم في مكوناته الهندسيَّة، بدليل أنَّ بناءه يقوم على عددٍ (فردي) من (الحنيات – جمع حنية)، كأنْ يتألف من 3 حنيات أو 5 أو 7 أو أي رقمٍ فردي، لأنَّ الفرد هنا إشارة عقائديَّة إلى وحدانيَّة الله سبحانه وتعالى،غير أنَّ الأرقام في منظور بعض المعتقدات الشعبيَّة الأخرى تقومُ على أساسٍ خرافي أو قناعة نفسيَّة، فالرقم 13 مثلاً دليلُ شؤمٍ بصورة عامَّة، ومع ذلك هناك من يفضله على غيره... ويلاحظ بأنَّ أغلبية الناس تتفاءل بالرقم كذا أو تتشاءم من الرقم كذا بدون سببٍ واضحٍ أو مقبول!.

الرقم (7) طغى على الأرقام كلها شهرة وسلوكاً حتى بات (مقدساً)، وربما يكمنُ السببُ في وروده (23) مرة في الكتاب الكريم بشتى المعاني والأغراض، (7 سماوات، ومثلها سنابل وبقرات وسبع من المثاني).. الخ، وفي الموروث الديني إنَّ الله أوصى بسابع جار.. لا ننسى (بنات نعش) وحكايتهنَّ الشعبيَّة وعددهنَّ سبع بنات... أيام الأسبوع (7) وهذه الأيام إشارة الى (7) آلهات، آلهة الشمس والقمر.. الخ، السنة تتكون من (52) أسبوعاً و(52) بعد تجزئته هو (2+5=7)، هناك سبعة العروس، ولعبة الأطفال سبع حجارات.. تجدر الإشارة هنا الى وجود (7) ملايين عراقي يعيشون تحت خط الحاجة في بلد يعد (سابع) أغنى بلدٍ في 

العالم.

(أم سبع عيون) هي الأغرب، مهمتها طرد الحسد ويتمُّ رفعها على واجهات المحال التجاريَّة الكبيرة ومداخل المنطقة الخضراء، أما أغرب الغرائب فهو أنَّ أكثر العراقيين اهتماماً برفعها والإيمان بها هم الفقراء والعاطلون عن

العمل!.