سلَّات الحكومة

الصفحة الاخيرة 2023/12/04
...

عبد الهادي مهودر

مع تغيّر الحياة والحاجات وتعاقب الحكومات العراقيّة، والانتقال من الهمّ الأمني إلى مظاهر الحياة الطبيعيَّة، أصبح للوزارات أهدافٌ مختلفة تُلامس الحاجات الأساسيَّة والمعيشيَّة للناس مثل (السلّة الإنشائيّة)،التي تشمل حسب قول وزارة التجارة "الفقراء وشبكة الحماية الاجتماعية وعموم الموظفين"، وقبلها (السلّة الغذائيّة) و(سلّة المجسّرات) لفكِّ الاختناقات المروريَّة، إن صحَّ التعبير، والحكومات في الدول المستقرة عزلت الأمن والسياسة في جانب ولم تجعل منهما مبرراً لنقص الخدمات، وركّزت جهودها على الخدمات لأنَّ الأمن والسياسة مسؤولية حصريَّة للحكومة، ومن حقوق المواطنين عليها الحصول على خدمات جيدة تجعل منهم مواطنين مشاركين عن قناعة في دعم الأمن وسياسات الحكومة، وسرعان ما تنعكس حالة الرضا على المزاج الشعبي والسياسي، والقرارات التي لم تمررها الحكومات السابقة أصبحت تمر بإنسيابيّة وهدوء، ومن حسنات التركيز على الخدمات هو شمولها لجميع السكّان العراقيين وتأييدها من الجهات الشعبيّة والسياسيّة وعدم وجود خصوم لتقديم الخدمات العامة، ولم يتخلّف أحد عن هذا الركب، وأن خَلق هذه الحالة من الرضا هو بحد ذاته نجاح تلمسه من رغبة الجميع بالانتساب له والمشاركة فيه، مثل النصر الذي له آباء كُثر ولكنّ الهزيمة يتيمة، والعراقي قضى عمره في حالة حرب ويجب أن يلتقط أنفاسه ويستريح ولا يقارن نفسه بشعوب دول أقل غنى وإمكانات طبيعيَّة، أما الحضارة فهي عمق وأساس لا يمكن للدول الأخرى شراؤه وإضافته الى تاريخها، لكنها ليست كافية بالنسبة لنا للعيش على ذكرياتها، بل هي حجّة على أبناء هذا البلد إذا لم يصنعوا واقعاً أفضل.
وسلّات الخدمة لحكومة السوداني وشعار حكومة الخدمة لم تُبْقِ فرصة لظهور المناكفات السياسيَّة التي تراجعت بشكل ملحوظ وتحقيق الإنجاز المتبقي يحتاج إلى حساب لكل خطوة وظهور والحذر من إيقاظ الفتن النائمة. صحيح أنَّ هذه السلَّات ليستْ كل الطموح والبلاد تحتاج الى أمن غذائي دائم وتنويع لمواردها الطبيعيَّة وحركة انتاج وصناعة، وطرق وأنفاق ومترو، لكن لحظة تحوّل خط الحكومات العراقيّة نحو الخدمات كأولويَّة هو المطلوب شعبيَّاً وهو توجّه كفيل بتدوير الزوايا الحادّة وتحقيق الاستقرار المنشود.