روبوتات ذكيَّة... هل نشهد نهاية الأعمال المنزليَّة؟

علوم وتكنلوجيا 2024/01/16
...

  لاس فيغاس: أ ف ب

تستهلك الأعمال المنزلية أسابيع عدة من وقتنا سنوياً. والآن، تباع الملايين من الروبوتات المصممة على إنجاز هذه المهام، من بينها مثلاً الأجهزة التي تنظف أرضياتنا آلياً، وهي من المرجح أنْ تواصل نموها.
ولكن، مع ذلك، في تصوراتنا العامة للدور المتزايد الذي تلعبه الروبوتات في حياتنا، بالكاد نتطرق إلى تأثيرها في مستقبل العمل المنزلي. في المقابل، نشاهد ابتكارات روبوتية شبيهة بالكلاب ذات استخدام عسكري تتحرك بتثاقل من إنتاج شركة "بوسطن ديناميكس"، أو نقرأ تكهناتٍ لا متناهية حول التأثير المحتمل للروبوتات الجنسية الذكية على العلاقة الحميمة بين البشر.
لكن من المرجح أن يكون تأثير التكنولوجيا في منازلنا ثورياً بالقدر نفسه، إنْ لم يكن مدمراً أو في غاية الإثارة. في الحقيقة، لقد أحدثت الروبوتات بالفعل تحولاً شديداً في طريقة تفكيرنا تجاه الأعمال المنزلية، ومن الوارد أن يتعاظم تأثيرها هذا في السنوات المقبلة.
لذا، فإن دخول المساعد المعزز بالذكاء الاصطناعي من إنتاج "أل جي" LG إلى "معرض الإلكترونيات الاستهلاكية" هذا الأسبوع، يشكل جزءاً من تحول كبير جداً تشهده منازلنا. يبدو المساعد الذكي متواضعاً: تراه في حجم لعبة محشوة تقريباً، وفي مقدوره التجول حول المنزل على قدمين مزودتين بعجلتين في أسفلهما، مستخدماً كاميرات وأجهزة استشعار ومهارات أخرى ليس فقط للمراقبة وإنما لإدارة المنزل أيضاً (لم تطلق الشركة اسماً فعلياً على هذا النظام الذكي، مكتفية بالإشارة إليه فقط باسم "عميل الذكاء الاصطناعي للمنزل الذكي من "أل جي" LG’s smart home AI agent).
أحدث ابتكارات "أل جي"، بمظهرها المتواضع الذي يتميز بعيون دائرية بيضاء وجسم مدمج، قد لا يبدو للوهلة الأولى وكأنه إنجاز ثوري. ومع ذلك، فإنَّ الشركة المصنعة تعده خطوة مهمة إلى الأمام. وشددت الشركة في إعلانها على أن هذا النظام "يهدف إلى تحرير المستخدمين من الأعمال المنزلية" و"مساعدة العملاء في الانخراط بتجربة عيش أكثر ذكاءً وأكثر متعة في المنزل".
في الوقت الحاضر، يبقى [التخلص من الأعمال المنزلية] حلماً في الغالب. ولعل الروبوت المنزلي الأكثر شهرة حتى الآن هو "رومبا" Roomba من ابتكار شركة "أي روبوت" iRobot، والذي بيع من هذه المكانس الكهربائية الآلية ما يربو على 40 مليون جهاز، بعيد من أن تكون عنصراً شائعاً في المنازل. أحد الأسباب هو كلفتها المرتفعة، وليس مستبعداً أن ترتفع أكثر إذا ما انتظر الناس منه النهوض بمجموعة متنوعة من المهام. كل ما على "رومبا" القيام به هو السير والكنس وشفط الأوساخ والغبار، ولكن شركات من قبيل "تيسلا" وعدت بإنتاج آلات متطورة أكثر تصل كلفة الواحدة منها حتى عشرات الآلاف من الدولارات نظراً إلى الخصائص المعقدة التي تتسم بها.
إذا ما تحققت الرؤية الطموحة التي تعد شركات التكنولوجيا والروبوتات بها، ووجدنا أنفسنا محاطين بروبوتات أشبه بالبشرhumanoid robots بوسعها أن تؤدي جميع مهامنا المنزلية، فمن الممكن أن تحدث ثورة في حياتنا اليومية. على رغم التقدم الذي تم إحرازه بالفعل مع الأجهزة مثل غسالات الأطباق والغسالات، فإن الأعمال المنزلية لا تزال تستهلك ساعات عدة كل أسبوع.
إضافة إلى ذلك، هناك اختلال ملحوظ في كيفية تقسيم هذه المهام، إذ تتحمل النساء في كثير من الأحيان العبء الأكبر من عبء العمل هذا. إن وصول الروبوتات القادرة على أداء هذه الأعمال المنزلية يمكن أن يغير هذه الديناميكية بصورة كبيرة ويعيد تشكيل مشهد الأعمال المنزلية.
وهذه المرة، من الوارد أنْ يتراجع حجم وقت تتطلبه الأعمال المنزلية بنسبة 40 في المئة، وفق بحث نهضت به "جامعة أكسفورد" نشر العام الماضي. والأعمال المحددة التي ستخضع للأتمتة تتفاوت بسرعة كبيرة. على سبيل المثال، توقع الخبراء أن يتراجع التسوق بنسبة 60 في المئة، في حين ستتراجع رعاية الأطفال الجسدية بنسبة 21 في المئة فقط. ومع ذلك، تشير نتائج هذا البحث إلى أن تأثير هذه التطورات في الأعمال المنزلية يمكن أن يكون كبيراً، حتى في غضون فترة لا تزيد على عقد من الزمن.
حتى في تلك الدراسة ذات النظرة المستقبلية، أظهرت التوقعات أن تجاربنا في الأعمال المنزلية وتوقعاتنا في شأنها كانت متناقضة بصورة كبيرة. فعلى سبيل المثال، اعتقد المشاركون اليابانيون أن التراجع فيها سيكون قليلاً، ولكن الأبرز أن الرجال توقعوا أن يترك ذلك التراجع تأثيراً ضئيلاً.
تبرز الخصوصية باعتبارها مصدر قلق كبير في المنازل الذكية المتصلة بشبكة الإنترنت، إذ تتمتع أجهزة ذكية كثيرة تدعمه بإمكانية الوصول إلى لحظاتنا الأكثر حميمية. في الآونة الأخيرة، مثلاً، تبين أن صوراً التقطتها كاميرا المكنسة الكهربائية الروبوتية "رومبا"، من بينها صورة امرأة تستخدم المرحاض، قد وجدت طريقها إلى صفحات الإنترنت، وقالت الشركة إن الأشخاص الذين ظهروا في تلك الصور كانوا أبدوا موافقتهم على جمع البيانات، موضحة أنهم كانوا يشاركون في اختبارات معينة تجريها.  في المحصلة، يبدو المنزل الخالي من الأعمال أشبه ببيت مثالي، إذ يتولى أشغالنا كافة موظفون آليون يتسمون باللطف والالتزام. ولكن تتوارى خلف هذا المشهد مجموعة من المخاوف الإنسانية جداً.