بغداد: هدى العزاوي
حذّر خبراء في الشؤون الماليَّة والاقتصاديَّة من استمرار آليَّة الاقتراض الخارجي للعراق بشروط مفروضة من الجهات المانحة أو المقرضة، ما يسبب التدخل في رسم السياسات الاقتصادية للبلد وتقييدها بما لا يتناسب والحفاظ على الاستقلالية والسيادة، وطالب الخبراء بوضع آليَّة جديدة للاقتراض تتجه إلى الحقل الاستثماري والتنموي الحقيقي.
وبيّن الخبير الاقتصادي، نبيل جبار التميمي، في حديث لـ"الصباح"، أنَّ "الحكومة- في العادة- تقترض قروضاً تنموية من وكالات دولية وبفائدة مخفضة جداً وميسّرة، ومن ضمن تعاملات العراق مع الوكالات الدولية فبعضها قديمة تعود لوكالة مدريد للإعمار سنة 2004، وهناك اقتراض من الوكالة اليابانية والوكالة البريطانية والوكالة الأميركية للتنمية"، موضحاً أنَّ "هذه اقتراضات تنموية، وتشمل حتى الاقتراضات من البنك الدولي ومن صندوق النقد الدولي، وجميعها اقتراضات طبيعية جداً".
وأشار إلى أنَّ "العراق يدفع كأقساط وفوائد الاقتراضات- التي ذكرت آنفاً- ما يقارب 10 تريليونات دينار عراقي أي ما يعادل 7 مليارات دولار، وهذه الاقتراضات لا تشكّل أكثر من 25 مليار دولار والتي لا تزيد على نسبة 12.5 % من الناتج المحلي الإجمالي، وهذا حجم دين مخفض يعبّر عن اقتصاد جيد".
ولفت التميمي إلى أنَّ "هناك خطورة لربما من (الاتفاقية الصينية) التي يكون حجم الفائدة بها غير معروف، وبالتالي قد تُغرق العراق بالديون إذا ما تمادى باقتراضات متزايدة سنوياً عن طريق هذه الاتفاقية، وهذا غير واضح وغير معلن عن حجم الفائدة المرجوة من هذه الاتفاقية".
من جانبه، أشار الكاتب والباحث بالشأن السياسي، الدكتور سيف السعدي، في حديث لـ"الصباح"، إلى أنَّ "المادة 25 من الدستور نصّت على (تكفل الدولة إصلاح الاقتصاد العراقي وفق أسس اقتصادية حديثة)، ويفترض بالحكومة تطبيق هذا النص بالاعتماد على موارد الدولة الداخلية"، وبيّن أنه "بلا شك فإنَّ أي قرض خارجي تترتب عليه فوائد بتقادم الزمن، وأحياناً تكون الشروط تضر بسيادة البلد خصوصاً بـ(القروض الصينية)، لأنَّ فيها شروطاً جزائية في حالة عدم الالتزام بالتسديد بالوقت المحدد".
وأضاف أنه "وفق ذلك، هناك مخاطر اقتصادية وسيادية على العراق نتيجة استخدام سياسة الاقتراض الخارجي في ظل ميزانية ضخمة تقدّر بـ198 تريليون دينار عراقي، فضلاً عن وجود مواد بموازنة 2023 تضمنت فقرات تعتمد على الاقتراض الخارجي ومن عدة دول لتغطية مشاريع يتم وصفها بالستراتيجية، ولكن للأسف توجد قروض مع غياب المشاريع".
الخبير في الشأن المالي، عبيد محل، قال في حديث لـ"الصباح": إنَّ "العراق- ومنذ عشرين عاماً- لم يقدر حجم خطورة هذه القروض على المدى البعيد، خاصة أنَّ هذه القروض لا تستخدم للإنفاق الاستثماري، ورغم أننا في ظل ظروف الموارد النفطية الجيدة إلا أننا مازلنا نقترض".