دافوس وملفات السياسة

قضايا عربية ودولية 2024/01/18
...

علي حسن الفواز

خرجت يوميات المنتدى الاقتصادي العالمي في منتجع دافوس السويسري عن سياقها المالي إلى فضاء السياسة، فكانت الاجتماعات بين أثرياء العالم تدور حول السياسة أكثر من الاقتصاد، والرؤساء والوزراء جعلوا من البرامج السياسية خياراً لمواجهة أزمات الاقتصاد المحتملة، والتعاطي مع مشكلات التضخم والركود والبطالة وتباطؤ النمو الاقتصادي والأمن الغذائي بنوعٍ من المعالجات الخاصة والحذرة لدعم الاقتصاد العالمي، والبحث عن تحالفات أو أسواق واتفاقيات تجارية تُخفف من غلواء تلك الأزمات، فضلاً عن مناقشة تحديات التغيّر المناخي، والتوترات الدبلوماسية بين الولايات المتحدة والصين بشأن تايوان، والهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، وكذلك قضايا الأمن السبراني، والمخاطر المرتبطة بالتضليل الإعلامي.
لقاء الأثرياء والرؤساء والملوك وأصحاب البنوك والشركات الكبرى، هو لقاء لتقرير مصير العالم، ولإعادة النظر بكثير من السياسات المالية، وبوظائف تلك السياسات في “السر والعلن” وهو ما بدا واضحاً في اجتماعات الأمس، حيث تحوّل الموضوع الأوكراني إلى جدلٍ جيوسياسي، وحتى الموضوع الفلسطيني بتداعياته الإقليمية أخذ اهتماماً لافتاً، بسبب تأثيراته في توسّع الصراع في الشرق الأوسط، فاجتماع عدد كبير من الدول للبحث عن “سلام” في أوكرانيا، عمد إلى البحث عن سلامٍ يقطع الطرق على التورط بحربٍ عالمية ثالثة، تفوق في أخطارها ذاكرة الحروب القديمة، وتهدد السلم العالمي بأخطار شتّى، لكن هذا “السلم” ليس سهلاً، فله ثمنٌ كبير، و”تنازلات” أكبر، وهو ما يتطلب وجود قناعات من روسيا، أو من أوكرانيا،  وعلى نحوٍ يجعل من صيغة “السلام” واقعية، وبعيدة عن فكرة “الصراع المُجمَّد” كما سمّاه مدير مكتب الرئيس الأوكراني، أي إنّ الأمر يفترض خطاباً آخر، يجعل من ملفات الأزمة مفتوحة على احتمالات القبول أو الرفض، لاسيما أنَّ البعض يرفض وضع موضوع ذلك “السلام” مقابل التخلّي عن السيادة، والرضوخ إلى الضغوط التي قد يمارسها حلفاء هذا الطرف أو ذاك.
مناقشة مقترحات الرئيس الاوكراني زيلنسكي تدفع الدول الأوروبية إلى مزيد من الضغط، وربما التأكيد على فكرة جعل السلام مرتبطاً بمنع روسيا من تحقيق أهدافها، وهذا يعني مزيداً من المواجهة، ومزيداً من الإنفاق والدعم العسكري والمالي إلى أوكرانيا، وربما التفكير بوضع ميزانيات خاصة للحرب، تُغذيها اقتصادات أوروبا، فضلاً عن الرغبة باستمرار الدعم العسكري الأميركي، وهو ما يعني دعوة أوكرانيا إلى الاستمرار في حربها مع روسيا، مقابل بحثها عن سلامٍ يخطف الانتصارات من رهانات الرئيس الروسي بوتين.