أكذوبة اليوم التالي

آراء 2024/02/11
...

كاظم الحسن

السياسة في أغلبها تعتمد المراوغة والمماطلة والتواري والوعود المؤجلة حتى إشعار آخر، وفي الحروب يكون كيدها عظيما، وما نراه ونسمعه في الحرب الدائرة بين اسرائيل وحماس، رغم المجازر والابادة والتدمير الممنهج والمنظم، بحق اهالي غزة، نسمع مقولات عقيمة عن مايسمى اليوم التالي ويتناسون ماقبلها، من أشهر دامية ومحاسبة تجار الحروب ويعلمون جيدا أن حكومة نتانياهو، هي الأكثر تطرفا في تاريخ اسرائيل.
الحديث الجاري هو عن وقف اطلاق النار لأسباب إنسانية، وهي تعني توفير الغذاء والدواء، أو تبادل الأسرى بين الطرفين، بمعنى اخر المجتمع الدولى غير قادر على ردع المعتدي وطلب وقف اطلاق النار هو بمثابة، اعتراف علني بعجز القوى العظمى المتنفذة، في إقرار السلام والنظام في الشرق الاوسط، وقبل ذلك هو تقاعس النظام الدولي في الصراع المزمن بين إسرائيل وفلسطين تحديدا، ويبدو النظام الجديد يركن الملفات الساخنة على الرفوف أو كما يقال «سيري وعين الله ترعاك» أو «اذهب انت وربك ياموسى»، وربما ما يحدث الآن هو مايمكن قوله اذهب يانتنياهو انت وربك اميركا».
في السياسة تستخدم مصطلحات ناعمة من قبيل تمشيط المنطقة،او الكرة في الملعب الاخر، أو ما يسمى نيران صديقة أو الصبر الاستراتيجي أو الاحتواء وحين يبلغ العداء اعلى مراحله بين اطراف الصراع يكنى العدو بمحور الشر أو الطرف المارق وكان من أطلق على الاتحاد السوفيتي السابق الستار الحديدي، هو ونستون تشرشل رئيس وزراء بريطانيا الاسبق،اماتسمية المستر صاروخ الذي اطلقه الرئيس الاميركي السابق على الرئيس الكوري الشمالي الحالي فهي احدث ما يكون.
واذا اخذنا الحالة العربية فلها قاموسها الخاص، لا سيما في الحروب والتي يحاول السياسيون من خلالها تمرير مصطلحات ناعمة لتبرير الهزائم، ومنها هزيمة العرب من قبل إسرائيل في العام 1948 التي سميت بالنكبة، وفي الحرب الثانية في العام 1967التي اطلق عليها النكسة، وهي كارثة قومية ما زالت تداعياتها حاضرة بقوة في المشهد السياسي الحالي ومنها الحرب على غزة. والمشهد العراقي غني بهذه التعريفات أو المطلحات المتوارية خلف احداث رهيبة لنأخذ حقبة البعث، انقلاب البعث الدموي في الثامن من شباط اطلق عليه عروس الثورات وهو عبارة عن مجزرة اما ميسمى بالحرس القومي لهذا الانقلاب، فقد تدرج حسب مسميات المرحلة ومنها الجيش الشعبي ما يسمى فيلق القدس. اما حقبة الحروب اخذت تسميات متعددة لتبريرها ومنها القادسية، أم المعارك، الحواسم والتي ارتبطت الاخيرة السلب والنهب والفرهود. أما الاتحاد السوفيتي السابق فكان يطلق على لينين الرفيق المؤسس، وعلى الحزب الشيوعي الحزب الحاكم، وهكذا دواليك يمكن الكثير من المصطلحات السياسية المتوارية خلف بريق المظهر، ولكن مضمونها يحتوي المزيد من العنف والدم ومصادرة الحريات والاستبداد والتسلط.