حسب الله يحيى
التعاون والتفاعل بين الشعب والحكومة ؛ مؤشر سليم نحن بأمس الحاجة اليه، ذلك أن كل القوانين التي تريد الحكومة تنفيذها، لا بد أن تكون قائمة على هذا التفاعل والتعاون، ومن دونه تصبح كلَّ المشاريع والأعمال المناطة بالحكومة مجرد حبر على ورق. ولا يأتي هذا بالتعاون والتفاعل ما لم تكن هناك حكومة تقوّم سياستها وبرامجها وطبيعة عملها على تقديم خدمات حقيقية للشعب. والشعب من جهته، لا بد أن يتلمس حقيقة هذه الخدمات ومدى تأثيرها الإيجابي على حياته الراهنة والمستقبلية.
إلا أن ما نجده اليوم يخلو من هذا التعاون والتفاعل.. بدليل أن إدارات المدارس والجامعات، تطلب من الطلبة ومن الأساتذة كذلك، تقديم خدمات هي خارج نطاق التعليم والدراسة وذلك بدعوتهم إلى تقديم الأموال والعمل على ترميم البناء وطلاء الجدران والتنظيف، وحتى إقامة النشاطات وكل ما تحتاج اليه المدرسة أو الكلية من خدمات مقابل تقديم درجات عالية تشير إلى تفوق هؤلاء الطلبة الذين يقدمون أموالهم وجهودهم للمدرسة أو الكلية.. ولا عليها من الطلبة المتفوقين بجهودهم ودراستهم المتأنية للحصول على درجات هي من استحقاقهم!
في وقت نعلم فيه جيدا أن هناك مخصصات مالية تخصصها الحكومة لمثل هذه الأغراض، ولا يتم صرفها وانما تصرف على أمور شخصية! الامر نفسه نجده يتكرر في العديد من الدوائر، حيث يتم ابتزاز الموظفين والمراجعين من قبل ادارات الدوائر لتقديم خدمات وأموال لهذه الدائرة أو تلك، تحت مسوغ أنه لا توجد لديهم مخصصات لإدامة الدائرة وإدارة عملها، لذلك يبدؤون (التسول) من الموظفين ومن المراجعين لمعالجة وتيسير أمور الدوائر. إنَّ عطل الأجهزة الكهربائية والحواسيب ومستلزماتها أو خلل الأبواب والمكاتب وحتى توفير أوراق المعاملات..؛ يتم إنجازه وتوفيره من جيوب المراجعين والموظفين. ومثل هذه الأمور، من شأنها أن تعطي انطباعا لدى كل مواطن أن المطلوب منه إغاثة الحكومة وإسعاف طلباتها وتقديم الأموال والخدمات اليها، بوصفها حكومة عاجزة عن دعم دوائرها ومؤسساتها وكلياتها وكل مرافق عملها المناطة بها والتابعة اليها.
ان هذه الظاهرة التي بدأت تستشري على نطاق واسع ؛باتت تشكل عبءا على العائلة العراقية التي تعاني من ضائقة مادية. وهذا الأمر يظهر الفوارق الطبقية للمجتمع، إذ إن بوسع الطلبة أو العاملين أو الموظفين الأغنياء الذين لهم القدرة على الدفع وتقديم الخدمات، يشترطون على تفوق و (نجاح) أبنائهم على حساب الطلبة والملاكات الوظيفية الجادة والرصينة والعاملة بجد وغخلاص، لمجرد أنها لا تملك القدرة على تقديم الأموال والخدمات المجانية.
ومثل هذا الحال من شأنه أن يقيم فجوة أو حاجزا بين الشعب والحكومة، بحيث تضطر بعض الأسر إلى إبعاد أبنائها عن المدرسة أو الكلية لأنها عاجزة عن توفير ما يراد منها.. وتضطرهم إلى الحاق أبنائهم في اعمال هامشية تدر على أسرهم قدرا من المال الذي يساعدهم على العيش..
من هنا نرى أن الحكومة مدعوة إلى مراقبة هذه الظاهرة السلبية، وإلزام كل المؤسسات والدوائر والكليات والمدارس إلى صرف الأموال المخصصة للترميم والصيانة والتنظيف، وشراء المستلزمات الضرورية من دون إرهاق الطلبة والموظفين والمراجعين على سد تلك الحاجات.. فتلك مهمات حكومية ولا يصح أن يتولى المواطن صرف ماله المحدود على الحكومة، وانما التعاون معها والتفاعل مع دورها في العمل وليس لابتزاز الناس ماليا وخدميا.. فلكل مهمته ولكل واجباته ولا يصح ان يخلط بين الدور الإيجابي، الذي تقدمه الحكومة مع العامل السلبي الذي يرهق الطلبة والموظفين والمراجعين..
ان التعاون والتفاعل بين الشعب والحكومة أمران مهمان وضروريان، ولكن ليس على أساس الاستغلال وليس على حساب زمن العمل والدراسة، ولا على حساب النجاح والتفوق.
إن عمل الحكومة واضح وبين، ذلك ان الحكومة هي من تتولى تقديم الخدمات للشعب وليس العكس.
من هنا نرى أن شؤون الناس لا يتم إنجازها على وفق الاحاديث والتصريحات والبيانات وانما على أساس القوانين العادلة والصارمة والملزمة، التي تؤكد على إيجابية التعاون والتفاعل بين الشعب والحكومة، وعلى أسس منطقية وسليمة لا على وفق الامزجة الإدارية السلبية، التي تسلب حق