عمل مجالس المحافظات مستقبلا

آراء 2024/02/11
...

علي لفتة سعيد

 إن العمل على إدامة السلام هو الأكثر ربحًا حتى للأحزاب التي تبحث عن سلطة، فبدلًا من استخدام طرق شراء الذمم واستخدام السلاح وهدر المال والأنفس تلجأ إلى تقديم الخدمات، ومن ثم الترويج للأفكار التي تحملها من خلال العمل الخدماتي. وعليه لا بد لهذه الأحزاب اليوم أن تفكّر بطريقةٍ تجعلها تديم السلام وتنهي الصراع والتنقّل تحت مسميات عديدة
من خلال تجربتي الصحفية خلال السنوات الماضية وخاصة مع مجالس المحافظات – في كربلاء – كنت ارى أشياء لا يجب أن تكون حاضرة في عمل المجالس في الدورة الجديدة.
وهو الام الذي جعلني اسأل دوما.
ما هو هدف الوصول إلى السلطة حتى لو كانت الحكومات المحلية؟
ولماذا لصراعات الكبيرة التي أدّت إلى عرقلة تنفيذ المشاريع والتفكير بأور أخرى واهمها الانتفاخ المالي للبعض، الذي غير حياتهم من واقع إلى واقع واثر على العمل الخدمي للمحافظات، إنه سؤال متشعّب والذي قد يكون مجموعةً متناوبةً ومتواليةً من الاسئلة المتشابهة، تصب في منطقةٍ واحدةٍ وهي الحكم والسلطة وأدواتها في مجتمعاتنا والتي يتم فيها تحوّل الأحزاب إلى أحزاب راديكالية وأحزاب متشدّدة، سواء كانت تستخدم الدين كغطاء أو حتى الأحزاب العلمانية على قلّتها التي لا تعرف كيف توفر سلعها الثقافية، لأنها ايضا تضم شخصيات غير فاعلة وهي تتحول إلى راديكالية دون أن تعرف أو حتى تعرف.. ولنا في الأحزاب الدينية في القارة الأوربية التي تمكّنت من الهيمنة بواسطة الغيبيات تارةً والتخويف تارةً ثانية، والسلاح والحرب الأهلية تارة ثالثة.
لهذا لجأت الفاعلية السياسية ما بعد الأحزاب الدينية في أوروبا وما بعد الحرب العالمية الثانية إلى وضع دساتير تحدّد مهمة الحكم وتقيّد التحوّل إلى سلطة مطلقة، وهو ما يعني التفكير بالخدمة للشعب والبلد من خلال إدامة السلام والتعايش وبناء الثقة التي انفرطت من خلال الحروب سواء الداخلية أو الجانبية بين دولتين أو أكثر.
ولهذا فإن التفكير المنطقي يقول إن العمل على إدامة السلام هو الأكثر ربحًا حتى للأحزاب التي تبحث عن سلطة، فبدلًا من استخدام طرق شراء الذمم واستخدام السلاح وهدر المال والأنفس تلجأ إلى تقديم الخدمات، ومن ثم الترويج للأفكار التي تحملها من خلال العمل الخدماتي.
وعليه لا بد لهذه الأحزاب اليوم أن تفكّر بطريقةٍ تجعلها تديم السلام وتنهي الصراع والتنقّل تحت مسميات عديدة. إن الدعوة إلى التفكير بمستقبل البلد هو ما نفتقده، وهو ما يحتّم على الجميع الجلوس لوضع الأطر الصحيحة له، وليس الجلوس جلسةَ الذي يعلن انتصاره، وعليها أيّ الجهات المتصارعة على السلطة ألّا تتصوّر أنها ستكون منفردة وقادرة على البقاء والحكم والتحوّل إلى سلطةٍ قوية، لأن المواجهة سواء بالتظاهرات أو اللجوء إلى السلاح هي المعادل الموضوعي لها، لأن الأغلبية الصامتة أو غير المنتمية هي الغالبة، فإنهم سيكونون القوة الصارخة لأنهم اكتشفوا أن لا حلّ في العراق إلّا بالتغيير الجذري.
إن المتغير الذي يطرح الآن هو لا بد من وجود مراجعة حقيقية، وبعض النقاط الواجب اتخاذها:

1 - إصدار بيان يحدّد أطر وشكل الحكومات- من أية جهة تشكلها- مع اعتراف بأن المرحلة السابقة كانت خطأ، لأن الصراعات كانت هي الجهة التي تم توجيه التفكير لها.

2 - تحديد جلسات العمل ليس للوي الأذرع، بل للبدء بالعمل الرقابي للمجالس، وبالتالي الابتعاد عن الصراعات الجانبية التي كانت موجودة في أعمال المجالس السابقة.

3 - التنازل عن الكثير من المطالب التي كان يعتقد أنها من حقّه ومن أساسيات تفاوضاته، وعدم فرض قيود على الصلاحيات والتهديد بالتصويت على الاقالة أو الاجبار على الاستقالة كما حصل في الدورات السابقة.

 4 - العمل على عدم التداخل ما بين القوات الأمنية المختلفة سواء منها الجيش والداخلية والحشد الشعبي وغيرها، وفكّ ارتباط أيّة قوّة بأية جهةٍ مهما كانت وبصورةٍ حقيقية وليست صورية.
لأن الخضوع والسيطرة سيجر الشخصيات العاملة في السلطة التنفيذية على التراجع عن اتخاذ اي قرار من شأنه تطبيق القانون.

 5 - عمل الجهات المشاركة على تقييم أداء الدوائر بعيدًا عن التداخلات الشخصية والحزبية، لأن من شأن هذا تطوير ومساعدة عمل الحكومة العراقية التي أطلقت على نفسها حكومة الخدمات.

6 - تأكيد كلّ الجهات على أنهم لا يتدخلون في عمل المجالس وإعطاء الحرية في المناقشة للمثلّيهم ولابتعاد عمّا كان سابقًا حين كان عضو مجلس المحافظة مجرّد رقمٍ للتصويت.

 7 - العمل على فكّ الارتباط بين الجهات التنفيذية والجهات الحزبية في إدارة المجالس والتخلّص من هيمنة أيّة جهةٍ خارج المحافظة أو حتى العراق، وفرض هذا المشروع أو هذا القرار على جلسات المجلس من أجل الحصول على الفائدة.

8 - العمل على وضع خارطة طريقٍ سياسيةً جديدةً بين الأحزاب التي تشكّل المجالس، كون العمل خدماتي أكثر منه عمل مجلس النواب كما كان البعض يتصوّر في المجالس السابقة.

9 - أن تكون جلسات المجالس علنية مهما كانت النقاط التي تناقش، لأن عمل المجالس خدماتي، إلّا بما هو متّصل بأمن الدولة والتخطيط الأمني.

10 - التخلّص من عقدة العمل من أجل الانتخابات القادمة، وفرض مشاريع في هذه المنطقة أو تلك لأنها موطن الأصوات المقبلة، حتى لو كانت هذه المنطقة أو المدينة لا تحتاج إلى مشاريع معبينة، لأن الانتخابات لا تقاس بحجم الخدمات في المنطقة الواحدة، بل بعموم المحافظة.