حسين الذكر
لا نجانب الحقيقة حينما ندعي ظهور عهد جديد بدا يطغى ويتسيّد مشهد وسائل الاعلام ويؤثر في الراي العام بصورة قلبت أس التعاطي الإعلامي التقليدي أو المعتاد منذ زمن موغل بالقدم والمرتكز على ثلاثة مبادئ أساسية لا تقبل التغيير (المرسل والرسالة والمرسل اليه).. فيما جادت تقنيات العولمة علينا بواقع جديد فرضت فيه السوشل ميديا نفسها بقوة تكاد تكون غطت على سواها، ما يسمى بوسائل تقليدية حديثة أو مستحدثة.
رب سؤال يطرح نفسه.. هل السوشل ميديا بمختلف مسمياتها وصورها فرضت نفسها، كتحصيل حاصل لعصر العولمة وسرعت التعاطي الحركي للإنسان والالة فيها.. وما يتطلبه الواقع من أسلوب أسهم بمخاض أنتج حتمية الدور لوسائل التواصل، كي تتمكن من ارتداء جلباب تواصلي يليق بانسان عصر الالكترون والكومبيوتر، أم أن هناك أيادي وعقلية ابتكارية سعت ورسمت وخططت، وأعطت هذه الميزة لإنسان البلدان النامية والمتخلفة ليحدث فيها زلزال اجتماعي، عبر سلاح ناعم عابر للرؤية والزمكان أدى بالمحصلة النهائية إلى تغيير جذري بقوى المجتمع، التي جعلت من المرسل، لا سيما في اعمار الشباب مسيطرا وحيدا على مقدرات المجتمع وقيادته له بمفاهيم احدث.. على ما يبدو هي بمثابة تهيئة وتنشئة لاجيال محددة غدت فيها تلك الاجندات سلاحا فعالا للإطاحة بالقيم المجتمعية المعتادة وسيادة عقلية صانعة لقيم أحدث وأن سماها السلف بثقافة التفاهة والانحطاط.
بمعزل عن التقييم والتغلغل باعماق الفكرة.. ثمة حدث رياضي ( بطولة اسيا 2023 بكرة القدم في العاصمة القطرية الدوحة ) اثبتت خطورة ومنهجية ما ذهبنا اليه، اذ تجلت وسائل السوشل ميديا قدرتها وسيطرتها على الأساليب التقليدية ليس في التشجيع التنافسي الرياضي فحسب.. بل بسيطرة رؤوس تدير تلك القدرات وتوجهها كسلاح ناعم في معركة ابعد واعمق مما يعتقد انها ملف ترفيهي بحت ( كلعبة كرة القدم ).
القضية برمتها تحتاج إلى دراسة واعية من المختصين ليس بالاعلام - كما يتوهم البعض - بل البعد والأمن الاجتماعي كأهم ما في القضية ومحاولة تحري الدقة في الصناعة والاستخدام ووعي قوة التاثير وعمقه وأهدافه... التي يعد الاستتار المتغلغل اخطر ما فيها.. بصورة تجعلنا نبحث عمن يجيد رؤية ما خلف الأكمة وليس بتفاهة وسذاجة ما أمامها..