حسين علي الحمداني
الكثير من محافظات العراق حسمت أمرها بانتخاب رئيس مجلس المحافظة ومنصب المحافظ، وهذه المناصب خضعت للتوافقات الحزبيَّة وحسب النتائج الانتخابيَّة، وهو أمرٌ معتادٌ جداً في الديمقراطيَّة العراقيَّة القائمة على التوافقيَّة، بسبب غياب من يمكنه تحقيق الأغلبيَّة، ومع هذا فإننا ننظر لمجالس المحافظات على أنَّها ذات طابع خدمي تنموي ذات طبيعة اقتصاديَّة أكثر من دورها السياسي. وفي الدول ذات النظام الفيدرالي، نجد الحكومات المحليَّة (مجالس المحافظات) تأخذ دورها في مجالات الصحة والتربية والإسكان والإعمار، وتفعيل الاستثمار حسب ما تتطلبه كل محافظة وحاجتها لذلك. لهذا الكثير من العراقيين ينتظر أنْ تأخذ مجالس المحافظات الحاليَّة دورها الحقيقي في إحداث تغيرٍ نوعيٍ في الخدمات من جهة، ومن جهة ثانية أنْ تدللَ على أنَّ وجودها ضروريٌّ وأهميته كبيرة جداً، سواء من خلال العمل الجاد والملموس، أو من خلال الدور الرقابي على أداء دوائر الدولة في المحافظات، وتخفيف العبء عن المواطن والقضاء على المحسوبيَّة والفساد.
الجانب الآخر المهم أنَّ هنالك تبايناً كبيراً في أداء هذه المجالس بين محافظة وأخرى، من حيث بسط سلطة القانون، وكذلك مستوى الخدمات المقدمة للمواطن، سواء في البنى التحتيَّة من طرقٍ وجسورٍ ومجارٍ، وغيرها من المشاريع المهمة، وهذا التباين سببه أداء مجلس المحافظة في السنوات السابقة من جهة، ومن جهة ثانية فترة السنوات الماضية، التي حلَّت فيها هذه المجالس، وأصبح المحافظ حراً (كما يقال) ولهذا وجدنا بعض المحافظين تمكنوا من تقديم أداءٍ أفضل، وتعليلهم أنَّ مجالس المحافظات كانت تقفُ حائلاً بينهم وبين تقديم هذه المشاريع أو تعطيلها تحت أيَّة ذريعة. وهو سببٌ يبدو مقبولاً في ظل ما كان موجوداً من تقاسمٍ للمشاريع بين القوى السياسيَّة، وهذا ما انعكس على الشارع العراقي الذي بدأ مرحلة العزوف عن المشاركة في
الانتخابات.
ونجد اليوم أنَّ الحكومة الاتحاديَّة تمكنت من استعادة ثقة المواطن بدرجة كبيرة، عبر تنفيذها مشاريع مهمَّة في العاصمة والمحافظات، وهذا ما يجعلنا نطالب مجالس المحافظات أنْ تسعى لاستعادة ثقة المواطن بالحكومات المحليَّة، وهذا لن يتمَّ من دون أنْ تكون هنالك مشاريع تنفذ على أرض الواقع، وهذا ما يتمناه كل مواطن عراقي.