السلاح النووي وأقنعة غزّة

آراء 2024/02/22
...

 سيامند خليل

 

من باب الفضول، سألتُ نفسي: بماذا يمنعون اسرائيل من استخدام القنبلة النووية في غزة اذا كانت تمتلكها حسب التقارير المتوفرة؟ فالافراط في استخدام القنابل، وعدم اكتراث لمطالب الدولية، شرطان أساسيان، لكل من يفكر باستخدام هذا السلاح المحظور دولياً. فهل عدم استخدامها يدل على عدم امتلاكها؟ أم أن حليفتها الأمريكية لا تراها مناسبة، خوفًا من تحريض فلاديمير بوتن على استخدامها ضد حلف النيتو؟.

يثقل الحزن أرواحنا من كثرة سماعنا لأخبار المآسي، أربع أشهر لا يمر يوم دون صورة جديدة لعنوان المآسي التي يعيشها الأطفال و النساء غزة و لاندري متى ينضج الوعي الانساني لدى هذا العجوز الذي يسكن واشنطن، ومتى تدرك إدارته، أهمية التعاطف مع الشعور الاخرين؟ أم أن كل ما يهمهم اخفاق نتنياهو من القضاء الكلي على حماس؟ 

من هذا المنطلق بحثت عن الأسباب التي تمنع اي سلطة من استخدام السلاح النووي عند امتلاكها وتشمل هذه الاسباب: الناحية الأخلاقية وإمكانية الردع والعواقب الدولية والإنسانية و المخاطر الاقتصادية والبيئية والصحية.

من المنظور الأخلاقي، إذا لم تستجب أي سلطة لقرارات المحكمة الدولية ولم تعترف بها، واستمرت بقتل أكثر من 28 ألفًا من المدنيين، من أطفال ونساء وشيوخ، فلا يمكننا أن نرى رادعًا أخلاقيًا لعدم استخدامه للسلاح النووي، ومن ناحية إمكانية الردع، فإن الفيتو الأمريكي وضعف الموقف الإقليمي مع عدم امتلاكهم لسلاح مماثل لا يمكن أن يُعدّ رادعًا لعدم استخدامه. أما من ناحية العوامل الاقتصادية، فإن التكلفة الباهظة وتأثيراتها الاقتصادية على السلطة ليست شيئًا يذكر في ظل المساعدات الأمريكية والغربية الامحدودة والقوة الاقتصادية العظيمة خلفهم. فاين هذا السر لعدم استخدام السلاح النووي؟ هل يكمن في عدم امتلاكه أم أن التلوث الإشعاعي الناتج عنه يوثر في مناطق اخرى يسكنها المستوطنون؟ أم أن الأرض ستصبح غير صالحة للسكن؟ وهذا يتعارض مع سيناريوهات الاستفادة من أراضي غزة بعد التهجير القسري لسكانها؟.

على عكس ما تروّجه الأخبار والروايات الصحافة الغربية، فقد أظهرت هذه الحرب للعالم مدى التلاحم الأمريكي الإسرائيلي ودرجة الانصهار بينهما، لا توجد أي دولة أو شعب، مهما سعى، يمكنه الحصول على هذا التأييد من الولايات المتحدة الأمريكية، كأنما الامريكيون هم الذين يحتلون فلسطين وكأنما الصهيونية تحكم الولايات المتحدة الامريكية.

الولايات المتحدة الأمريكية، هذا البلد الذي يتمتع بشعب مُنعمٍ محبٍّ للخير ومدافعٍ عن الإنسانية، كيف له أن يرضى بهذا القدر من اللاإنسانية وأن يستخدم صوت هذا الشعب الحر في المحافل الدولية لدعم استمرارية الحرب وقتل الأبرياء وحرمان الأطفال من آبائهم؟ فهل حقًا يتمتع هذا الشعب بحق الاختيار لسلطته السياسية؟ أم صناع القرار ليسوا من المؤسسات الرسمية المعلنة، ولا تُتخذ القرارات المصيرية في هذا البلد عبر المؤسسات المنتخبة دستوريًا؟.

يومياً نسمع تصريحات من المتحدثين باسم الأمن القومي والبيت الأبيض وغيرهم عن موقف الحكومة الأمريكية من مجريات الحرب في غزة. وتتنوع هذه التصريحات بين التعبير عن القلق من تدهور الأوضاع الإنسانية مع التأكيد على دعم إسرائيل، والعالم بات يصدقهم فقط كما كان يصدق سعيد الصحاف اثناء حرب الخليج. 

الديمقراطية الأمريكية ومنهجية حقوق الإنسان، التي كنا نعتبرها من أفضل الشعارات في العالم، لا تتعدى الآن سوى توزيع اللقاحات لكورونا لمكونات الشعب الأمريكي. أما في القضايا الإنسانية الدولية، فلا تنال إلا أقل الدرجات. فكم من الوقت يحتاجه الشعب الأمريكي للحد من ازدواجية السياسة الخارجية لبلدهم والنمط العالمي الذي تتبعه حكومتهم؟.