سلام عبد المحسن السوداني
في عدد من الوثائق الإعلامية الأولية للمشروعين الواعدين المترو وقطار النجف كربلاء، أوحت تلك الوثائق إلى أن العقد الاستشاري الهندسي للمشروعين اعلاه سيكون من خلال المستثمر، وحيث أن هكذا اتفاق هو سياق غير صحيح، لذلك بادرت لكتابة مقالة تحذر من هكذا توجه في العقود الاستشارية للمشروعين اعلاه، وحاولت من خلال بعض الاشخاص الذين يمكنهم التواصل مع الجهات الحكومية العليا لتوجيه هكذا تحفظ.
وما لبثت حتى تمكنت من الحصول على النسخة الاعلامية الرسمية للمشروع، والتي تؤكد أن العقد الاستشاري للمشروع سيكون من خلال الحكومة وليس من خلال المستثمر، وهذا هو الصحيح والذي يمكن أن يؤدي إلى الحصول على مشروع وفق التطلعات الحكومية، والتي يفترض أنها وفق اعلى المواصفات التنفيذية من ناحية الجودة والكلف والمدد التنفيذية للمشاريع، وهذا ما يجعلنا نأمل في دخول مرحلة عمرانية حضارية متطورة واعدة في العراق.
الحقيقة المقدمة اعلاه هي مقدمة لعرض سياقات تنفيذية مشابهة لما يُخشى منه في العقود الاستشارية، حيث انه ومما يؤسف له ان الكثير من السياقات التنفيذية في هيئات الاستثمار قائمة على هذا السياق الخاطئ في العقود الاستشارية، واقصد به هو احالة المشاريع إلى المستثمر، بحيث يكون العقد الاستشاري الهندسي للمشروع الاستثماري من خلال المستثمر، وهذا بلا شك سبب قاصم في التردي في جودة المشاريع، والتلكؤات في المدد وفي الكلف التنفيذية، لذلك نشاهد الكم الهائل من المشاريع المتوقفة والمتلكئة.
ومن المشاريع النموذجية في العراق من ناحية الاسلوب الصحيح في العقود الاستشارية، هو مشروع بسماية حيث هنالك عقد استشاري منفصل وليس من خلال المستثمر. ويمكن تحديد الاسباب التي ادت إلى هذا الانحراف الهندسي الكبير في مقالة منفصلة، وهي اسباب جديرة بالاهتمام والمراجعة.
والاشد ضررا في هذا الامر هو نشوء طبقة من المهندسين التنفيذيين والادارات التنفيذية ممن يُقر ويؤيد التنفيذ بهذه الطريقة المخالفة للسياقات الصحيحة، واقصد بها اعتماد استشاري للمشاريع من خلال المستثمر.
هذا نداء عاجل إلى كل من يهمه الارتقاء بالسياقات الهندسية والاستشارية للمشاريع التنفيذية لمراجعة الامر واقرار عقود استشارية هندسية ليس من خلال المستثمر، ولكن من خلال رب العمل نفسه، ولو ادى ذلك إلى استحداث مفاصل اضافية في البنى التحتية لادارة المشروع.
وهنا يجدر الاشارة إلى أن العراق زاخر بالخبرات الهندسية الاستشارية ذات خبرات محلية وعالمية مشهود لها، وقادرة على قيادة دفة الاعمار وفق مقاييس حضارية عالية، خصوصا وانها اي الخبرات العراقية اثبتت نفسها من خلال كثير من المشاريع المحلية والخارجية العالمية. كما ونأمل من نقابة المهندسين وباقي الجهات ذات العلاقة، أن تأخذ دورها الايجابي في التنفيذ النموذجي والمثالي للمشاريع.
ويمكن اختصار المطلب باننا في العراق بحاجة إلى وقفة تأمل واعادة النظر في السياقات التنفيذية للمشاريع، واعادة هيكلة منظومة هندسية واعدة من خلال اعتماد مهندسين ذوي خبرة طويلة ورصينة في تنفيذ المشاريع الستراتيجية، ونحن قادرون على ذلك بما لدينا من الخزين والتراث الهندسي الكبير.