حسب الله يحيى
البرلمان مثلا كان معطلا على مدى مدة زمنية غير قانونية، فيما راحت المحاصصة والتوافق يأخذان به يمينا ويسارا.. كل ذلك من اجل اختيار رئيس له، وكأن البلاد عاقر لا تلد سوى شخصا واحدا بعينه! ثم.. اذا كنا بلدا ديمقراطيا، فلماذا لا يكون صوت البرلمانيين انفسهم أصواتا ديمقراطية في اختيار من يدير جلساتهم؟
لماذا نحن محكومون بكل هذا الغياب والتجاهل والا انصاف..؟
نقول ونؤكد اننا بلد يحكمه القانون العادل والإنصاف والفضيلة والصدق، بلد لا مجال فيه لازدراء الآخر أو تهميشه.
ونؤكد اننا بلد ديمقراطي يحترم الآخر ويتعامل معه تعاملا سويا، ونقر أننا نرفض الغش والفساد والرشى، ونفخر اننا بلد يحترم مواطنيه ويخشى الله ويأمر بالتقوى والمعروف.
كما نرى اننا بلد تقوده حكومة تعنى بتقديم الخدمات على الأصعدة كافة.
إلا أن (القول والتأكيد والاقرار والفخر وما نراه ونعتقده ونقره) لا نجد ترجمة له على أرض الواقع.
من حق الفرد أن يدعي ويزعم ويعد على وفق ما يشاء.. ولكن من فضيلة المرء انجاز ما يعد به.. فكيف الحال مع واقع تحكمه الاقوال لا الأفعال، فنحن أمام حكومات متعاقبة تعد بالكثير ولا تنجز الا اقل من القليل.. فهذا الجزء اليسير لا يروي ظمنا ولا يشبع جائعا..
صحيح جدا ان بلادنا تعاني جملة من العقبات والأزمات والتحديات التي تحول دون تحقيق ما نتمناه ونطمح اليه.
وصحيح أن عوامل داخلية وخارجية تثقل علينا ما نعد به وما نتأمله ونتفاءل به.
إن بلادنا أمامها أمنيات ومسؤوليات وواجبات تلزم القائمين على دفة الحكم فيها على العمل بشكل حثيث..
فالبرلمان مثلا كان معطلا على مدى مدة زمنية غير قانونية، فيما راحت المحاصصة والتوافق يأخذان به يمينا ويسارا.. كل ذلك من اجل اختيار رئيس له، وكأن البلاد عاقر لا تلد سوى شخصا واحدا بعينه! ثم.. اذا كنا بلدا ديمقراطيا، فلماذا لا يكون صوت البرلمانيين انفسهم أصواتا ديمقراطية في اختيار من يدير جلساتهم؟
هل هذا صعب ام ستظل المحاصصة والتوافقات والطائفية والأحزاب وقادتهم هم من يأخذ البلاد شرقا وغربا؟ ان هذه البلاد قد أذلت قوى بشرية لم تعد تقوى على حكم نفسها وعوائلها، فكيف بها تقوى على حكم عراق جذره قانوني وحضارته مركز الكون ونفطه خزين ثروات العالم؟ أسئلة كثيرة تدور بشأن هذا المسؤول القيادي أو ذاك وهذا الرقم الفلكي لرواتبه من دون ان نعرف دائرة الصمت المحيطة به، والتي لا عمل لها سوى محور الامر بالمعروف أو سواه من أمور يرضاها الناس أو لا يرضون بها.!
اما الحكومة فتقع عليها الأعباء كافة، وذلك بسبب غياب أو عطل أو تجاهل (المؤسسات) حتى لنجد أن ابسط الأمور الفردية لمواطن ما لا يجد امامه الا الاستغاثة وطلب تدخل اعلى قيادي في البلاد من دون حساب، إلا ان لكل رجل مهامه وحاجاته ومشكلاته وللحلول مستلزمات مثلما هي واجبات ملقاة على المواطن نفسه.
نعم.. الحكومة مسؤولة مسؤولية تامة في الدفاع عن حقوق مواطنيها ومن الانصاف أن لا تكون هناك رواتب تصل حد اختناق أصحابها بها، تقبضه كل شهر، إلى جانب رواتب لا تسد رمق عائلة ليوم واحد..! ترى.. هل من الصعب ان تكون هناك مستويات معقولة ومتوازنة ومنصفة وعادلة لسلم الرواتب.. أم أن الامر عصي على بلد غاب فيه العدل فيما مضى على (حريته) اكثر من عقدين من الزمن ولم تتمكن الحكومة من حل هذه المعضلة الصعبة على الحل!
هل تعجز الحكومة عن توفير العيش الكريم للعاطلين، بعد ان أغلقت المصانع والمعامل وتوقفت الكثير من الاعمال التي كانت تعين المواطنين على العيش المقبول؟.
وهل عجزت ميزانية دولة ريعية مثل العراق من بناء المدارس والمشافي طوال هذا الزمن من (الحكم الديمقراطي)، وهل يمكن ان تكون هناك خروقات امنية ولجان تحقيق مستمرة.. لا تخرج بنتائج منطقية ومعقولة وموثوق بها أم ستظل النتائج محكومة بالغياب؟
هل يمكن لنا ان نحكم بالعدل والانصاف ؛ فيما نبقي على المئات في السجون والمعتقلات وعلى مدى أوقات زمنية طويلة على خلفية مخبر سري من دون تحقيق.. اين حضورنا البشري إذن؟
ثم.. لماذا يطلق سراح من يعيد جزءا من الأموال التي سرقها، وهي لا تعد ولا تحصى ليقدم جزءا يسيرا (مما حباه الله ) صدقة جارية للحكومة؟ هل يمكن القبول بعراق يعيش فيه اكثر من أربعة ملايين خارج حدوده ومثلهم مشردون في الخيم داخل وطنهم؟!
العدالة مطلوبة من دولة ذاق افرادها الظلم والعسف من دون ان ترى العدل بعيون متسعة، ومن ثم ترعى مواطنيها وتتعامل معهم بالانصاف لا ان تبقى على وعود لا تحقق ما يراد تحقيقه؟
نعم.. الأزمات كثيرة والعقبات اكثر والظروف مرة وقاسية، ولكن كل هذا لا يمنع من الالتفات التفاتة كلية إلى شعب مقهور خرج من دائرة حكم ظالم ليدخل في حكم اظلم.. يشق الحياة بمرارة ويسير باتجاه حياة مغيبة.. لماذا يحدث كل هذا لنا.. نحن الذين نبقى في الغياب؟