معالم وشخوص

آراء 2024/05/22
...

 د.اسماعيل موسى حميدي

 

تعمل اغلب البلديات في دول العالم على تغيير شبه سنوي لمعالم الطرق الداخلية ومداخل المدن، من خلال لجان مختصة من مهندسين وفنانين وخبراء زراعة تعمل على إعادة اضفاء الجمال بحلة جديدة من حيث تناسق الالوان وتنوع الاشجار وتوسيع الممرات وتغيير المسارات، في المدينة احتراما لذائقة المارة، كي يبتعد العيان عن الاعتياد الذي قد يتكرر على العين خوفا من ان يجلب للنفوس غشاوة الرتابة والملل حتى لا تقسو تلك النفوس على بعضها وتتراجع آمالها ويشيع الاحباط الذي قد يؤثر على الاخلاص في العمل، ولا تسمح بلديات المدن بتعليق الصور والبوسترات العشوائية لمشاهير أو لسياسيين وفنانين في تلك الشوارع، ولا يتم ذلك الا وفق بروتوكول تتولاه البلدية، يكون جزءا من نظام حقوق الانسان النفسية، فتعمل لهؤلاء الرموز تماثيل ونصبا في باحات عامة تليق بهم،يتم انتقائها بحسب ما تمليه قلوب الجماهير من حب واعتزاز وفخر لهذه الشخوص، فغالبا ما تخصص لذلك مواقع ذكية يتم اختيارها بعد دراسة الابعاد والمشتركات الثقافة والمجتمعية للمكان قبل تسويق هذه الرموز وسط تقاطعات الطرق أو الحدائق العامة والاسواق ليكون شاهدا على حضارة 

البلد.

وللاسف هذا ما لا نجده في مدننا،فبالاضافة إلى التخطيط القديم للمدن وتمظهرها بفوضى الاسلاك الكهربائية للمولدات الاهلية تتخللها الصور والشعارات التي تعلق باجتهاد شخصي من اصحابها، فضلا عن معالم الطرق البالية والمحبطة من تشجير غير نظامي وخراب الارصفة مايولد حزمة محبطات تتولى النفس المبتلاة بالضجيج.

ما ذنبك أن يُقحم نظرك وبدون ذائقة وبشكل يومي في تفاصيل ومعالم لاتستميلها نفسك ولا تطيقها روحك، لدرجة تتجهم ملامحك لرؤيتها، فتقسو على ذاتك بل وتجلدها.

خصوصا اذا تمثلت هذه الملامح في بوسترات غير نظامية أو صور اشخاص معلقة بشكل عشوائي قرب محل سكنك أو في طريق عملك تضطر على رؤيتها كل يوم.

وللعراقيين حظ سيئ وطويل مع متلازمة شوارع العاصمة وبقية المدن، اذ كان النظام السابق يقحم ذائقة الناس بتفاصيل تمجده من شعارات وصور في كل الاماكن،ما عاش الشعب العراقي مرحلة طويلة من الاحباط والملل

 النفسي.

وللاسف مانجده اليوم في الشوارع اقرب إلى العشوائية من خلال حالة التمظهر الفوضوي الذي يبيح لمن يشاء بتعليق الصور والشعارات بحسب ماتمليه له نفسه ووقت ما يريد ما يخلق حالة من العبثية والاحباط، أملنا ان ترعى الدولة برنامجا توعويا ملزما للجميع من خلال مراعاة الذوق العالم وفرض غرامات لمن يتجاوز 

النظام.