أهوار العراق بيئةٌ غنيَّة وواقعٌ فقير

آراء 2024/05/22
...

 ا.د.محمد بهجت ثامر

وصفت اليونيسكو الأهوار في العراق بأنها «ملاذ تنوع بايولوجي وموقع تاريخي لمدن حضارة ما بين النهرين»، وذلك بعد اعلان إدراجها في لائحة التراث العالمي عام 2016، كما أنها وصف بـ «فينيسيا الشرق» اذ تمتاز بتوفر عنصرين هامين هما عراقة التاريخ وغنى الطبيعة وهو ما أعطاها أهمية كبيرة، اذ تعد مهد الحضارة السومرية القديمة وتمتاز بنظام بيئي فريد من نوعه يعود لآلاف السنين

 وتعد أحدى أكبر المناطق الرطبة في الشرق الأوسط وغرب آسيا وتشكل نقطة عبور واستراحة موسمية منتظمة لكثير من أنواع الطيور العابرة للقارات، بحثاً عن مياه دافئة بقصد وضع البيض وتهاجر قبيل شهر أيار عند ارتفاع درجات الحرارة في المنطقة. 

وهي ملاذ لعديد من الحيوانات والكائنات الحية والمجهرية المهددة بالانقراض كالفلامينغو والسلاحف والأفاعي المائية وحيوانات ثدية كالخنازير والقطط البرية، ويعد القصب النبات السائد في الأهوار، يليه البردي وأنواع أخرى من النباتات مثل زنابق الماء وعروس النهر، لذلك صنفت ضمن كنوز العالم التي يصبح الحفاظ عليها وإدامتها من الأولويات.  اذ تبنى المؤتمر العام لمنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة (اليونيسكو) معاهدة حماية الموروث الحضاري والطبيعي للحفاظ على الموقع ذات القيمة العالية، باعتبارها ملكاً للأجيال المقبلة، ويعني إدراج أي موقع في اللائحة أنه أصبح ضمن المواقع الفريدة التي يجب الحفاظ عليها وإبعاد خطر اندثارها وعلى الدول المسؤولة عن المناطق المدرجة توفير الظروف الملائمة للسياحة العالمية، اضافة إلى أن ادراج الموقع في لائحة التراث العالمي تشكل حافزا مهما في تشجيع السياح على التوجه إلى تلك الموقع من مختلف أنحاء العالم. وتتولى منظمة اليونسكو مراقبة هذه المواقع وتنظيم زيارات لتقييم أوضاعها، وتصدر تحذيرات للجهات المسؤولة لإبعاد أي مخاطر تهددها. 

وفي حال عدم حصول تقدم في تصحيح الموقف يُقنع الخبراء، فمن الممكن أن يوضع الموقع في قائمة المواقع المهددة بالخروج من اللائحة. 

ورغم الأهمية الاقتصادية الكبيرة لهذا المورد وبعد ثمان سنوات من الادراج ضمن لائحة التراث العالمي عام 2016 لا تزال الإجراءات الحكومية من أجل الحفاظ والإبقاء على الأهوار ضمن لائحة التراث العالمي دون مستوى الطموح، ولا ترتقي إلى مستوى الإيفاء بالالتزامات المترتبة عليها من قبل منظمة اليونيسكو، ويظهر هذا جلياً مع تفاقم مشكلة شحة مياه وتحكم دول المنبع (تركيا) بالإطلاقات المائية وتخفيض حصة العراق المائية من جهة، وقطع الأنهار والروافد المغذية للأهوار من قبل (ايران) من جهة أخرى. 

لذلك على الحكومة العراقية تدويل القضية أممياً لتوفير الحد الأدنى من المياه اللازمة لإدامة النظام الأيكولوجي في بيئة الاهوار، اذ تعد المياه مصدر الحياة الأساس لتربية المواشي والأسماك والحشائش والقصب وصناعة البواري والمضائف، كما تعاني الاهوار من تلوث مياهها بسبب سوء إدارة مياه الصرف الصحي، اذ تتدفق مياه المجاري الثقيلة مباشراً إلى الأهوار بالإضافة إلى تأثير التلوث النفطي وتصريف مخلفات المعامل والمصانع والمستشفيات إلى الأنهار الرئيسة ثم إلى الأهوار، كما تعاني أهوار العراق من صيد الطيور المهددة بالانقراض كالفلامينغو. 

وهناك شواهد تاريخية اذ أقدمت منظمة اليونسكو على شطب أكثر من موقع من ضمنها موقع ألماني، وكان ذلك بسبب الإخلال بالالتزامات، بإنشاء جسر حديدي في أحد المواقع، وهذا ما يجعل الحكومة العراقية امام تحديات جمة للحفاظ على المورد وتنميته، اذ قد يوضع الموقع في قائمة المواقع المهددة بالخروج من لائحة التراث العالمي. 

ادناه ابرز الحلول للمحافظة على هذا المورد المهم :

تفعيل التعاون والتنسيق مع دول المنبع (تركيـا، إيران)، وفق الانظمة والقوانين الدولية لضمان لتامين الإيراد المائي وتأمين الحصة المائية المغذية للأهوار.

ضرورة التـنسيق مع الحكومات المحلية في المـحافظات التي تحتـوي على الاهـوار لمنع انتشار ظاهرة الصيد الجائر، باستخدام المبيدات والسموم التي تؤثر سلبا على التنوع الاحيائي وتؤدي إلى ارتفاع نسبة الاملاح والسموم في مياه الاهوار.

الاهتمام بإعادة التنوع الاحيائي ( البايولوجي) للمنطقة بزيـادة الغطـاء النبـاتي ولاسيما نباتات القصب والبردي لاستثماره في إقامة مشاريع صناعية في الاهوار.

تطبيق معايير العلم الازرق» معايير خلو المسطحات المائية من التلوث البيئي»، لخلو تلك المناطق من « المصانع، ومياه الصرف الصحي»، وهذا يلقي بظلاله على تنشيط السياحة بكل اشكالها على مناطق الاهوار.

ضرورة قيام وزارة الثقافة والسياحة والاثار بحملة تثقيفية لواقع السياحة في الأهوار خصوصا بعد ما ادرجت ضمن لائحة التراث العالمي عام 2016.

اذ ستساهم في ايجاد فرص عمل لسكان المنطقة، ومن ثم تقلل من نسبة الهجرة من الريف إلى المدينة.