بشير خزعل
تعتمد أغلب دول العالم في استراتيجياتها الخاصة بأمنها القومي خططا مدروسة وبعناية فائقة لفرض الاستقرار المجتمعي لشعوبها، بدءا من تأمين الامن الغذائي والصحي والسلم الاهلي، كاولويات اساسية ومنهجية لبناء دولة آمنة ومستقرة، رؤية العراق واستراتيجيته للحد من الفقر وتوفير فرض العمل والتحول بالاقتصاد إلى مديات، تتيح أن يكون البلد والشعب في مرحلة استقرار ورفاهية، ليس بالامر الهين ما لم تكن المناهج الحكومية متسلسة ومتعاقبة، لما قبلها في التنسيق لتنفيذ البرامج وتطويرها وليس العكس، العراق كدولة تمر بمرحلة مهمة وحساسة، بسبب ظروفه السياسية والأمنية والاقتصادية، ويمكن تحديدها بشكل خاص بما يتعلق بالمتغيرات السياسية والامنية والاقتصادية على مستوى دول العالم وعلى نطاق الاقليم الجغرافي ما يتعلق بعدم الاستقرار في أسعار النفط العالمية، وتوقع حدوث صراعات عسكرية إقليمية أو عالمية، وفي ظل مثل هذه الظروف، فان معالجة المشكلات الاقتصادية هو الأساس والحلقة الأولى التي يجب اعتمادها لبناء الاستراتيجية المرسومة للأمن الوطني بمفهومه العام، لأنه سيحقق قاعدة رصينة في استقرار وتطوير العراق اقتصاديا. يضاف إلى ذلك أن ما يجب اخذه بنظر الاعتبار هو دراسة وتحليل ما رافق عملية التغيير بعد عام 2003 وما حصل من ارباك وعدم وجود رؤية ومنهجية اقتصادية موحدة، لشكل الدولة الجديدة، وكيفية أن يكون البناء الاقتصادي فيها، حيث تم الخلط بين اقتصاد مركزي وبين تمنيات للانتقال إلى اقتصاد السوق ادى إلى ظروف داخلية معقدة اعاقت العملية التنموية للعراق، بالرغم من مضي اكثر من عشرين عاما على التغيير وأصبح الامر اكثر تعقيدا وصعوبة مع التغيرات الحاصلة في المنطقة والعالم، معدلات نسب البطالة والفقر ما زلت اعلى من الحدود المسمموح بها اقتصاديا، على الرغم من الجهود الحثيثة التي تبذلها الحكومة منذ سنة في الحد من الظاهرتين، بناء اسس استراتيجية للامن الوطني بمفهومه الشامل، مع التركيز على الجانب الاقتصادي يجب أن يتمخض عنها تحقيق الأمن والاستقرار والتنمية الاقتصادية، بما يساهم في تحقيق رفاهية المجتمع وأن تكون فعالة وقابلة للتنفيذ في الظروف الحالية التي يعيشها العراق، لذا فإان الكثير من المواطنين ومن مختلف المستويات الحكومية والسياسية والاقتصادية، وأساتذة الجامعات ومنظمات المجتمع المدني من الشباب والنساء والمهنيين، يجب أن يساهموا بإعداد هذه البرامج.
ضخامة التحديات تتطلب الوقوف بحزم لجميع الجهات الحكومية والسياسية والشعبية، من أجل حماية العراق وإدامة بناء اقتصاده، وفق المعطيات الواقعية التي تقع تحت مستوى نظر الجميع، لذلك وبشكل لا يقبل الشك فإن الاصلاحات الاقتصادية في المنهاج الحكومي، وفقا للمحاور التي تعنى بالأمن والاقتصاد، يجب اعتمادها كاستراتيجية اقتصادية لتحقيق الأمن الوطني، كما جاء في المادة 25 من الدستور ومواد اخرى تتعلق بان تكفل الدولة الامن وحياة كريمة للفرد والاسرة، وتضمن العدالة الاجتماعية بين جميع فئات وطوائف الشعب العراقي، تحقيق الازدهار والرفاهية لن يتحقق، من دون وجود اسس صحيحة وستراتيجيات تتعدى حماية الأمن الداخلي إلى حماية الوطن وضمان سلامته اقتصاديا وسياسيا وامنيا على مستوى
الخارج.