شغور منصب رئيس مجلس النواب

آراء 2024/05/27
...

 د.حميد طارش

  تتعدد أشكاليات النقص في الدستور العراقي لتجعله عاجزاً عن حل مسائل مهمة تعترض عمل السلطات، مما يؤثر سلباً في تنفيذ مهامها، ولعل المشكلة الأبرز حالياً تكمن في شغور منصب رئيس مجلس النواب التي لم يعالجها الدستور، إذ اكتفى ببيان رئاسة السن في الجلسة الأولى لمجلس النواب وفقاً للمادة (54) منه، والتي يجب ان تفضي إلى انتخاب رئيس مجلس النواب ونائبيه استناداً للمادة(55). كما لم يعالج ذلك قانون استبدال أعضاء مجلس النواب رقم(6) لسنة 2006 الذي جاء مقتضباً من ثلاثة مواد بينت الأولى منها أسباب الشغور، والثانية تضمنت قواعد خاصة بتعويض بعض حالات الشغور التي لم تشتمل على اخطر مسألة تتعلق بخلو منصب يدخل في حسابات توازن الاستحقاقات الدستورية...
  وبالمسار نفسه الذي يشوبه النقص صدر قانون مجلس النواب وتشكيلاته رقم (13) لسنة 2018، إذ لم ينص على تنظيم تلك الحالة. واما النظام الداخلي لمجلس النواب فقد تضمن بيان حل تلك المشكلة، إذ نص في المادة  (12/ثالثا) على (إذا خلا منصب رئيس المجلس أو اي من نائبيه لأي سبب كان ينتخب المجلس بالأغلبية المطلقة خلفا له في أول جلسة يعقدها لسد الشاغر وفقا لضوابط التوازنات السياسية بين الكتل)، إلّا أن هذا النص  حكم عليه بعدم الدستورية من قبل المحكمة الاتحادية العليا بموجب قرارها رقم (10) لسنة2009  باعتبار هذه المسألة من الأمور الموضوعية، التي يجب ان تُنظم في صُلب الدستور، فضلاً عن نص الأخير في المادة(51) على أن يضع مجلس النواب نظاما داخليا لتنظيم سير اعماله وأن تلك الفقرة لاتتعلق بسير العمل وعليه فأنها غير دستورية وعلى لجنة التعديلات الدستورية معالجة ذلك في الوثيقة الدستورية، إلّا أن المحكمة المذكورة في قرار لاحق برقم (322/اتحادية/2023) استندت إلى تلك الفقرة التي حكمت بعدم دستوريتها في تفسير المادة(55) من الدستور فيما يتعلق بشغور منصب رئيس مجلس النواب، إذ تضمن القرار بأن المادة (12/ثالثا) من النظام الداخلي عالجت ذلك ويقتضي انعقاد المجلس لفتح باب الترشيح في تلك الجلسة فقط التي يجب ان تقتصر على انتخاب رئيس مجلس النواب ويتولى المنصب من يفوز بالأغلبية المطلقة التي لم يحددها القرار من الحاضرين ام من أعضاء المجلس، كما لم يحدد القرار مدة معينة لانتخاب الرئيس واكتفى بالنص على عدم إطالة الأمد الذي امتد لثمانية شهور !