رحيل الرئيس الإيراني وقواعد الاحترام

آراء 2024/05/28
...

 ا. د. عماد مكلف البدران

 لقد انقسم الشارع العراقي إلى مهتم بحادثة طائرة الرئيس الإيراني إبراهيم رئيسي التي أودت بحياته، وآخرين غير مبالين بها وبالتأكيد يتبع ذلك طبيعة التأثيرات التي تصنع الإحساس داخل كل منا، وقد تكون متراكمة إلى درجة أن بعضهم ينساق وراء الإعلام الشامت وهكذا تتحدد المواقف،الا انه وبشكل عام توجد مشاعر محترمة فيها مواساة للشعب الإيراني وقلق حقيقي على ما جرى وسيجري في دولة جارة تربطنا معها علاقات جيرة وأخوة إسلامية ومصالح مشتركة لا يمكن التغاضي عنها.
وعلى أية حال الكلام هنا عن الموقف الرسمي الذي مثلته مختلف القوى السياسية العراقية ومن دون استثناءات وعلى أشكالها المختلفة وتنوعها ومن هذه المواقف الرسمية: موقف رئيس الوزراء العراقي السيد محمد شياع السوداني الذي توجه للمشاركة بعزاء الراحل رئيسي رحمه الله ومواساة الشعب الإيراني بهذا المصاب الجلل وتبعه مجموعة مسؤولين عراقيين منهم رئيس إقليم كوردستان نيجيرفان بارزاني ورئيس البرلمان السابق السيد محمد الحلبوسي، ما ينم عن مشاركة انصهرت فيها الطوائف والقوميات كافة، وهو تعبير عن وحدة المصالح وإقرار بها ويذكرنا هذا الموقف بمواقف أخرى للسياسيين العراقيين والمسؤولين في الحكومات السابقة ما بعد سقوط النظام 2003، مثل تقديم العزاء بوفود رسمية إلى كل من المملكة العربية السعودية بوفاة الملك فهد بن عبد العزيز عام 2005،وكذلك تقديم العزاء بوفاة أمير الكويت جابر الصباح عام 2006، وسلطان عمان قابوس بن سعيد في عام 2020 وأمير الكويت صباح الأحمد الصباح في العام نفسه، وهكذا قدمت الحكومة العراقية بواقعها الجديد مشاركات عبرت عن احترام للأشقاء كافة بعدما قدم النظام السابق شكلاً هجومياً مستهجناً على الصعيدين الدبلوماسي والسياسي فضلاَ عن انه مستهجن إسلامي بعدما أساء الظن وتوجس من خطوات الآخرين على أساس انهم يقودون المؤامرات ضد نظامه، ولو سلمنا جدلاً بذلك فانهم أحسنوا إدارة العلاقات وأخفق بإدارتها وادارة اللعبة السياسية فكان من المفروض ان يفتح صفحات جديدة تمكنه من دفع كيدهم اذا جاز لنا التعبير، والآن نحن نستشعر مدى حاجتنا إلى أن تسود سياسة حسن الجوار والمصالح المتبادلة والاحترام المتبادل وهذا هو المطلوب وما نبتغيه من أشقائنا المسلمين والعرب احتراما يمنح العراق مكانة مميزة في إطار دبلوماسي يحفظ لهذا البلد هيبته وكبرياءه، وأن لا يُنظر إليه من زاوية انه ضعيف، وإنما من زاوية أنه منتفض من الركام منتصب القامة عالي الجاه والمقام، وهذا ما يجب أن يفهمه سياسيونا وقادتنا، وأن يعتمدوا أسسا راسخة في التعامل مع الآخرين ويؤسسوا لدولة عزيزة، يقدمون من خلالها وبها وجها ناصعا مع أن يكون لها دور فاعل ومؤثر.