الانتخابات الإيرانيَّة.. رسائل ديمقراطيَّة متعددة

آراء 2024/05/28
...

حيدر نجم

تدخل الجمهورية الإسلامية في إيران بعد حادثة «سقوط أو إسقاط « مروحية الرئيس الإيراني الراحل السيد إبراهيم رئيسي ورفاقه، مرحلةً جديدةً ولاسيما بعد تحديد السلطات الإيرانية الثامن والعشرين من شهر حزيران المقبل موعدًا لإجراء انتخابات رئاسية كتطبيق عملي للمادة 131 من الدستور، بشأن إجرائها خلال خمسين يومًا، وبحسب التقويم الانتخابي المعتمد سيجري تسجيل المرشحين خلال الفترة من الثلاثين من أيار الجاري ولغاية الثالث من شهر حزيران المقبل، وستكون فترة الحملة الانتخابية من 12 من الشهر المقبل حتى 27 منه.
فأيّ رسائل داخلية وخارجية أرادت إيران إرسالها من الإسراع بتحديد هذه المواعيد؛ ولاسيما بعد ست ساعات من
الحادثة؟
وما دورها في تعبئة الشارع للانتخابات المقبلة، ولصالح من سيصوت داخلياً؟
الإجابة عن هذه الأسئلة وغيرها لابد من التذكير بأنّ الانتخابات الرئاسية الإيرانية كان يُحضَّرُ لها بصورةٍ أكبر، ويُعطى وقتٌ أطول للدعاية الانتخابية بين المرشحين، لكن هذه المرّة فإنّ الجمهورية الإسلامية أمام مرحلة انتخاب
سريعة.
على الصعيد الداخلي، فإنّ الشارع الإيراني بات أكثر تعبئةً ودعماً للمرشح والتيار الذي سيمضي باستكمال ما انتهجهُ الرئيس الراحل إبراهيم رئيسي، من خططٍ لإنعاش الاقتصاد، وتطوير البنى التحتية، واستمرار تطبيق سياسة «الاقتصاد المقاوم»، و»حسن الجوار»، من أجل تعزيز مكانة إيران استراتيجيًا وعالميًا، مع توقعات بانخفاض فرص فوز مرشحي التيار الإصلاحي في الانتخابات الرئاسية المقبلة، لأن الحادث الأليم لربما يلعبُ دوراً في تسويق العاطفة الشعبية نحو مرشح التيار المحافظ الذي كان ينتمي إليهِ الرئيس
الراحل.
أمّا على الصعيد الخارجي، فإيران اليوم تحتلُّ مرتبة القيادة لمحور المقاومة في مواجهة المشاريع الأميركية والصهيونية، خصوصاً ما يتعلق بملفِ قطاع غزة، فلا يمكن أن تؤدي الحكومة الإيرانية الحالية كامل الصلاحيات في التعامل مع الملفات الاستراتيجية، والانشغال داخلياً، يقابلهُ أيضاً أن الدول ستنظرُ إلى هذه الحكومة على أنها مؤقتة، وبالتالي لا يعول عليها بشكلٍ كامل أو أن يجري عقد اتفاقاتٍ معها من أجل ضمانات استراتيجية
معينة.
وفي ظلِّ كل ذلك، فقد أظهر النظام الإسلامي في إيران، قوَّتَهُ وممارستهُ العملية الديمقراطية بصورةٍ عمليةٍ فضلاً عن احترامهِ للرأيِّ الشعبي العام، ومن ثم الرجوع إليهِ سريعاً، وهذا ما يعاكس تجارب العديد من الدول العربية والغربية التي تدَّعي زَيفاً تطبيقَ النظام الديمقراطي، ولو أنّ أيَّ دولةٍ في المنطقة تتعرضُ للظرفِ ذاته، أي وفاة رئيسها، فتراها تسوّغُ الحجج لنفسها بالبقاء فترةٍ أطولِ بذريعةِ التهيئة الكاملة للانتخابات، بعيداً عن الفساد واستغلال النفوذ.