سعد العبيدي
نُشر مؤخراً في سياق التمهيد لإقرار موازنة العام الحالي (2024) – التي تأخر إقرارها لما يقرب من نصف عام - عن تخفيض كبير في الموازنة الاستثمارية لكافة المحافظات، وقد كان الإعلان مفاجئاً وشكل صدمة للحكومات المحلية التي بدأت مشوارها قبل شهور قليلة، وأثار التساؤلات حول تأثير هذا التخفيض على أمن المواطن، والتنمية المحلية، والخدمات العامة التي يئن هو في الأصل تحت وطأتها لعشرين عاماً متصلة.
إن التأثير المتوقع منطقياً، أو أبرز الآثار المترتبة على التقليص ستتمحور حول تدهور الخدمات الأساسية مثل الصحة، والتعليم، والبنية التحتية، وستواجه المستشفيات والمدارس والمرافق العامة نقصاً في الموارد، مما سيؤدي حتماً إلى تراجع جودة الخدمات، وزيادة معدلات الفقر والبطالة، وتعميق مشاعر الإحباط واليأس، والشعور بالحرمان وعدم الأمان.
إنه وضع قد يدفع البعض إلى التحايل واتباع أساليب غير قانونية لتلبية احتياجاتهم الضرورية، مما يغرق المجتمع في مستنقع الفساد، ويدفع بعض الأفراد نحو الانضمام إلى الجماعات المسلحة والمليشيات والعصابات، وبالتالي زيادة معدلات الجريمة وعدم الاستقرار الأمني. كما أن نقص الموارد في المناطق التي تعاني من توترات طائفية، أو عرقية، يمكن أن يؤدي إلى تصاعد التوترات والنزاعات المحلية، حيث التنافس المسلح على الموارد المحدودة قد يعزز احتمالية اندلاع أعمال عنف جديدة، ويعيق جهود الحكومة في تحقيق الاستقرار والأمن.
اتجاهات التقليص، وإن كانت تأتي ضمن جهود الحكومة الفنية لتجاوز أزمة مالية، تعتبر متوقعة في سياق التعامل مع الأزمات، ومع ذلك فإن عدم التخطيط المسبق والتفكير في الأسباب التي تؤدي إلى حدوث الأزمات يعد أمراً غير مقبول، ومن غير المقبول أيضاً غياب التخطيط السليم وارتكاب خطأ فتح أبواب التعيين لأغراض الترضية الحزبية، على حساب الكفاية المالية والحاجة الفعلية، مما استنزف الميزانية.
هذه الصدمة الطارئة، وإن يتم تجاوزها بالترضية السياسية، تشير إلى حاجة العراق إلى التحرر من توجهات الترضية، ومساعي كسب الأصوات الانتخابية على حساب المصلحة العامة للمواطن والوطن.