د. نوروز أحمد ياسين
يعد الوقف القطاع الثالث في الاقتصاد الإسلامي، مع قطاع الدولة والقطاع الخاص، وقد ظهرت أهميتة الإنسانية والسياسية والاقتصادية والحضارية بعامة على مر عصور النهضة الإسلامية، فقد اعتنى المسلمون بهذا القطاع على مختلف مواقفهم الشعبية والحكومية والعلمية.
فقدموا أصنافاً من الأوقاف شملت مختلف جوانب الحياة الاقتصادية والاجتماعية والعسكرية والصحية والجمالية، حيث شهدت المجتمعات الإسلامية في القرن الرابع الهجري ــــ على سبيل المثال ــــ حدائق عامة كانت أوقافاً للناس يتمتعون بجمال الأزهار وعطرها الساحر.
لقد كانت الأوقاف أحد الملامح الحضارية المهمة في الحضارة الإسلامية، إذ كانت القطاع الشامل الذي أسهم في خلق المنافع لمتعددة في المجتمعات الإسلامية، كانت قوة الضعفاء، وأموال المحتاجين، وأسلحة المقاتلين في سبيل الله، والدواء للمرضى، والعزاء للأرامل والسيدات وأطفالهن الرضع، ومدارس الأطفال وطالبي العلم، كانت صانعة عز المجتمع وقوته ومحققة تعاضده وتضافره وتناصره.
إن الأوقاف هي تحقيق لقيم الإسلام الكبرى في إدارة المجتمع، فهي تعكس درجة عالية من الوعي بتلك القيم والتمسك بها والعمل في هديها.
تكمن الأهمية العلمية والعملية للأوقاف في زمننا المعاصر في قدرتها على صياغة أهداف جديدة تكمن في ما يأتي:ــــ
أ- صياغة البرامج الاقتصادية والاجتماعية والصحية والثقافية والفنية، التي تحول الأوقاف إلى مؤسسات كفوءة في تحقيق نماء حضاري شامل.
ب- تحقيق إنتاجية عالية لمواردها المالية، ذلك أن عدم استثمار عوائد أموال الأوقاف في مجال يعرضها إلى الاندثار والتلاشي مع مرور الزمن، هذا فضلاً عن مخالفتها السياسة المالية في الإسلام القائمة على تداول الأموال وعدم اكتنازها بأي شكل من الأشكال.
ت- وضع البرامج العلمية لإسهام الأوقاف في تحقيق التنمية البشرية المستدامة، والارتقاء بمستوى رأس المال الاجتماعي ليسهم في نهضة المجتمع.
ث- وضع برنامج عملي للإسهام في تطوير قطاع العقارات للإسهام في حل أزمة السكن وخلق فرص عمل كثيرة لامتصاص البطالة.
إن وعي العلاقة بين الوقف والنماء الحضاري، يعجل بإنجاز البرامج العملية اللازمة للتغيير الإيجابي البناء، ويعززه أكثر الإحساس بالمسؤولية الاجتماعية، ذلك أن الوقف هو مؤسسة إسلامية تحكمها نظرية إسلامية نابعة من القرآن الكريم والسنة النبوية واجتهادات علماء الأمة عبر العصور الإسلامية المزدهرة، وكذلك لها أهداف اقتصادية واجتماعية وثقافية وصحية وعسكرية وما إلى ذلك، وتبقى الوسائل هي أكثر ما تحتاج إليه مؤسسة الأوقاف للارتقاء بدورها الحضاري.
فما الوسائل الضرورية لتفعيل الوقف في تمويل المشروعات الصغيرة ودعمها:-
• تتولى الأوقاف لإقامة مشروعات صناعية صغيرة لصيانة السيارات، وذلك بإنشاء مجمعات صناعية لهذا الغرض تصمم على وفق المعايير الدولية، ويمكن التنسيق مع الشركات الأجنبية لهذا الغرض.
• تتولى الأوقاف إنشاء مستشفى عام، ومراكز صحية في الأحياء الفقيرة، لتوفير فرص عمل جديدة للأطباء والممرضين وخريجي الكليات والعمال.
• تتولى الأوقاف إقامة مراكز تقنية تعلم التعامل مع المنظومة الالكترونية وصيانتها.
• تتولى الأوقاف إقامة دور حضانة في مختلف الأحياء.
• تتولى الأوقاف إقامة مزارع متنوعة بالتنسيق مع كليات الزراعة والغابات ووزارة الزراعة.
• تتولى الأوقاف إقامة جمعيات تعاونية نسائية لإنتاج مستلزمات الأسرة وتعليم الخياطة والتطريز وما إلى ذلك.