علي العقباني

احتفاء بمشواره الفني الطويل في المسرح والتلفزيون والسينما كتابة وتمثيلاً واخراجاً وتفرداً وتقديراً لتجربته الإبداعية الرائدة، استضاف المعهد العالي للفنون المسرحية بدمشق وضمن ملتقى الإبداع الذي يحتضنه المعهد منذ سنوات الفنان الفلسطيني زيناتي قدسية، وكرم خلاله أسماء مسرحية مؤثرة في المسرح "منى واصف، نضال الأشقر، رفيق علي أحمد، أسعد فضة، أمل عرفة، باسم ياخور، عبد المنعم عما يري وغيرهم".
وهذه الفعالية التي يقيمها المعهد العالي للفنون المسرحية في وزارة الثقافة ويشرف عليها مدير المعهد الدكتور تامر العربيد.
وتناول زيناتي قدسية المولود عام 1948 في قرية اجزم قضاء حيفا عبر اللقاء، الذي جمعه بطلاب المعهد على خشبة مسرح سعد الله ونوس عن مشواره الذي بدأ بعد حـرب عام 1967، حين استقر بدمشق وعمل في مجال النحت.
وروى للطلاب بعد توجيه تحية للشعب الفلسطيني المقاوم في غزة، كيف انتقل من المسرح الجامعي إلى المسرح الشبابي والقومي ممثلاً وكاتباً ومخرجاً، مشكلاً ثنائياً مسرحياً مع الكاتب الكبير ممدوح عدوان.
وكيف انضم في عام 1971 إلى فرقة المسرح الجامعي المركزية بسورية لمدة أربع سنوات.
وعمل في مسرح الهواة «الشباب» بالإخراج والإعداد والتمثيل, وكذلك تأسيس المسرح التجريبي في عام 1977.
في عام 1978 عيّن عضواً في نقابة الفنانين، ثم مديراً فنياً لفرقة مسرح العمال، كاتباً ومخرجاً، وعضو في فرقة المختبر المسرحي.
ترأس لجان تحكيم عدة في المهرجانات المحلية والعربية.
وشارك في العديد من المهرجانات المسرحية العربية والدولية.
وتضمن الاحتفاء بزيناتي قدسية عروضاً مسرحية للعديد من أعماله ومنها "أبو شنار" و"فاوست" و"الفارسة والشاعر" وغيرها، فضلا عن عرض صوتي للفنانة المسرحية فيلدا سمور والمخرج المسرحي العراقي الدكتور جواد الأسدي والدكتور عبد الرحمن زيدان.
وأجاب قدسية، الذي لم يدرس التمثيل بشكل أكاديمي، إلا أنه شكل قامة فنية وابداعية تركت بصمة مهمة في المسرح العربي، عن استفسارات طلاب المعهد حول مشواره الفني، متمنياً أن يبقى المسرح في حالة من التطور وألا يتحوّل إلى محتوى فارغ.
يذكر أن قدسية شارك في عشرات الأعمال المسرحية والتلفزيونية، منها أعمال مع الراحل ممدوح عدوان، و "شيء من غسان" و "الطيراوي" عن نصوص غسان كنفاني، و"إكليل الدم" عن نصوص أدبية لجبران خليل جبران والحلاج.
تميز قدسية في كتابة المونودراما وتقديمها ببلاغة الجسد والحضور، إذ جعل خطاباته المسرحية منبراً ثقافياً ينطلق من الذات ليكون التفكير الجمعي أساس تفكيره في فلسطين، ويكون الأساس التجريب المسرحي، الذي هو أساس بناء الجماليات الجديدة له، وأساس بناء كتابة النصوص التي رافقتها نقاشات مهمة حول مهام ووظائف المسرح العربي ودوره وعلاقته بالأصالة والمعاصرة، ومن ثم علاقته بهوية المسرح العربي، وبفعل تسييس خطابات المسرح وبالديمقراطية والتراث وفلسطين وبالنظريات المسرحية الغربية والتجارب العربية.
كان لزيناتي قدسية مع ممدوح عدوان حضور لافت في تجربة مسرح المونودراما، وقد شكلا معاً تجربة خاصة من حيث الشكل والمواضيع والتجريب، وهي التجربة التي بدأت منذ عام 1985 واستمرت سنوات طويلة قدما خلالها عدداً من التجارب المونودرامية المهمة من خلال اشتغالهما على تجاوز صورة الحكواتي التقليدي وبعث روح التجديد في حضوره المغاير في العرض التجريبي، في معاصرة صاغت تيماتها من أشكال مسرحية
معاصرة.
بقي أن نقول إن الفنان زيناتي قدسية قامة مسرحية استثنائية مؤسسة في المسرح العربي الحديث، وهو ظاهرة في فن المونودراما  تُدرس ونتعلم منها، ورجل مسرحي حقيقي لأنه كاتب ومخرج وممثل وأصيل في علاقته مع المسرح، وبقضيته الكبرى فلسطين.