دور المرأة في حماية البيئة وترشيد الاستهلاك
اسرة ومجتمع
2019/06/15
+A
-A
بغداد/ شذى الجنابي
يتجلى دور المرأة في الحياة، والوضع الاجتماعي الذي تحتله في بيئتها الأولى البيت، كما تدير الشؤون الاقتصادية المنزلية من خلال تعاملها مع الموارد الطبيعية مثل الماء والطعام والطاقة، ومتى ما وعت أهميتها ومحدوديتها بامكانها الحد من اسرافها وما يؤدي إلى مخلفات بيئية. وقد دعا مختصون إلى ترشيد استهلاك المياه وزيادة الوعي البيئي للمواطنين، خصوصاً ربات البيوت، ووضع قوانين رادعة لكل المخالفين، وعدم استغلالها بشكل عشوائي، وضرورة تقليل نسبة إنتاج الفرد للنفايات يومياً.
وقد اجرت صفحة “الاسرة والمجتمع” استطلاعاً بشأن تشجيع مشاركة المرأة في تحديد اولويات المشاريع لضمان تحسين خدمة الماء، وادارة النفايات الصلبة.
الاحساس بالمسؤولية
تساءل المستشار القانوني كاظم البيضاني المدير التنفيذي للمركز العراقي للنشاطات الانسانيةفي بداية حديثه؛ عن اشراك الحكومة للمواطنين في خططها ؟ ولماذا لا يصبح فرز النفايات في حاويات بحسب أنواعها ، وترشيد استهلاك المياه ثقافة سائدة في المجتمع؟
يقول : كل ذلك بسبب نقص الوعي البيئي، وضعف القانون الرادع ، مجتمعنا يفتقر الى الشفافية بالخطط الحكومية والاخذ بآراء المواطنين ، ويجب ان يكون هناك تعاون بين المؤسسات المعنية بالخدمات والمواطن للوصول الى افضل السبل. واضاف ان العديد من السياسات التي تتخذها الدول ثبت لها تأثير المرأة صاحبة العلاقة الكبيرة مع البيئة ومواردها، وهي تربي الأجيال وتنمي فيهم الاحساس بالمسؤولية تجاه البيئة، فضلاً عن مواجهتها للتلوث المنزلي وكيفية اختيارها للسلع الغذائية الصديقة للبيئة،إذ إن مشاركتها في نشاطات حماية البيئة وتوعيتها تسهمان في ايجاد الحلول للعديد من
المشاكل.ويوصي البيضاني بتفعيل دورها ايضاً في تحقيق التنمية المستدامة والحفاظ على البيئة من التلوث و ان تصبح قدوة لأبنائها في التربية البيئية الصحيحة وحمايتهم من تأثير الأضرار المحتملة للعوامل البيئية ، ومراقبتها لاستهلاك المياه في المنزل، مثلاً الحنفية التي يتسرب منها الماء اذ تهدر ما يقارب 7 لترات يومياً على الأقل، وتشكل 10 % من حصة الفرد من مياه الشرب في اليوم ،ولا بد من مراقبتها لأي تسرب حاصل وإصلاحه قدر الامكان، فضلًا عن كيفية تدوير المخلفات الصلبة من بقايا الطعام ونقل القمامة من المنزل ورميها في الحاويات المخصصة
لها.
التجاوز على الشبكات
فيما لفت محمد الجزائري، مدير مكتب المفتش العام في امانة بغداد : الى مشاركة النساء في تخطيط مشاريع الامانة برئاسة الدكتورة ذكرى علوش امينة بغداد،ومسؤوليتها عن خدمتي المياه وادارة النفايات الصلبة ، وتتمثل معاناتنا بالتوسع الافقي للسكن، وهجرة اعداد كبيرة من العوائل من المحافظات الى مدينة بغداد ما تسبب بالتجاوز على الشبكات والخطوط الناقلة للمياه لاغراض سقي الحدائق والمزارع وملء احواض تربية الاسماك الى جانب استعمال المضخات الكبيرة في المواقع غير المرخصة لغسل السيارات، فضلاً عن الهدر الحاصل في المصانع والمحال التجارية والمنازل، ، وايضاً هناك نسبة كبيرة من الماء المنتج تهدر بسبب زيادة الاستهلاك وسوء الاستعمال ، وقد دأبت الامانة على انشاء آلاف المشاريع وصرفت مبالغ كبيرة من ميزانية الدولة عليها لتعمل بكامل طاقاتها الانتاجية .
ومن جانب اخر اكد الجزائري بان معدل النفايات الصلبة التي تفرزها العاصمة بغداد يوميا اكثر من 10 آلاف طن، ويقتصرعمل المحطات المخصصة على كبسها فقط ، وبالتالي تلقى في مواقع الطمر الصحي خارج بغداد، بسبب سوء التخطيط ، وعدم تحديد اولويات العمل ، ولو قمنا بانشاء معامل لفرز مكونات النفايات واسترجاع المواد المفيدة منها لإعادة تصنيعها بعد كبسها فقد يتم الاستفادة من مكوناتها صناعيا، فضلا عن تشغيل العاطلين عن العمل في المصانع.
ودعا الجزائري المواطنين وجميع المؤسسات الحكومية وغير الحكومية الى اشاعة ثقافة المحافظة على المياه من الهدر، كونها ثروة وطنية كبيرة ،وتقنين استعمالها وفقا للحاجة الفعلية، والحد من ظاهرة الاسراف، لاسيما ونحن في موسم الصيف.
سلوك بيئي
من جهتها بينت الدكتورة عامرة البلداوي / ناشطة : ان دور المرأة يبرز في قدرتها بالحفاظ على الثروة المائية وتلوثها وما يترتب عليها من مشاكل بيئية واقتصادية، فضلا عن غياب ثقافة فرز النفايات وإعادة تدويرها، اذ يصل إنتاج الفرد الواحد من النفايات يوميا وفق مؤسسات معنية بهذا الشأن الى ما يقارب ( 2 ) كيلوغرام، وبالرغم من الجهود التي تبذلها مؤسسات بيئية حكومية وغير حكومية لتوعية المواطنين بأهمية هذا السلوك البيئي. وعدت البلداوي النفايات ثروة ضائعة في بلدنا في ظل عدم التطور، وغياب الرؤية المستقبلية البعيدة الأمد من قبل القائمين في الدوائر المعنية .واضافت البلداوي أحاول دائما في اسرتي أن أطبق عملية فرز النفايات وتعويد أبنائي عبر وضعها في أوعية مختلفة الألوان يخصص كل منها لنوع محدد من النفايات من اجل ترسيخ تلك الثقافة لديهم، لكن المشكلة تكمن في مواجهتي لحاويات فرز النفايات غير المتوفرة في الشارع .
توعية النساء
من جانبه اشار الدكتور محمد الزهيري/ تدريسي في الجامعة التكنولوجية: الى ان دور المرأة مهم كربة بيت بامكانها الحفاظ على البيئة والحد من استنزافها للموارد الطبيعية، وهذا الامر ليس تقنياً بقدر ماهو ثقافة، اذ تشكل النساء الموظفات نسبة 50 % من اللاتي يحملن ثقافة عالية ، وبدورهن يقمن بتوجيه ابنائهن وزميلاتهن في العمل في ترشيدهن لاستهلاك المياه والطاقة بالرغم من ان العراق بلد نفطي، ونبه الزهيري الى امر مهم وهو ان مياه بغداد غير صالحة للاستخدامات البشرية كالشرب والبناء ايضا، وهذا ما اثبتته مختبراتنا بالجامعة التكنولوجية.
وتطرق الزهيري الى قضية سد اليسو التركي وخزن المياه خلال السنة الماضية ما تسبب في نقص مياه نهر دجلة، وسد الموصل وادى الى انخفاض مناسيب المياه إلى حد كبير ما أثار رعب وخوف المواطنين من جفاف يضرب مناطقهم ومحاصيلهم الزراعية، والسبب ليس في نقص الماء وانما سوء الادارة، وقد اكتشفنا حقيقة مهمة وهي (ان العراق بالصيف يعطش وبالشتاء يغرق) وهذا واقع حال مر به العراق، وخصوصا في محافظة البصرة نتيجة ضعف ادارة المياه وعدم وضع ستراتيجيات ودراسات في كيفية استغلال الفائض من المياه في موسم الصيف ، وامكانية تخزينه في بحيرة الثرثار على سبيل المثال . فيما لفت الزهيري الى ظاهرة خطيرة وهي رمي المواد البلاستيكية في الانهار والمسطحات المائية التي اصبحت تهدد حياة الاسماك وبالتالي تصبح غير صالحة للشرب ، وفي تقرير للامم المتحدة ستصبح النفايات البلاستيكية في الانهارعام 2050 اكثر من الاسماك وهذا ما اثبت عالميا، وعلينا تدارك هذه الظاهرة، واستغلالها بدلا من رميها بالمياه، كونها ثروة قومية يمكن استثمارها بدراسة علمية وهندسية هائلة بانتاج مواد جديدة ، لان غراما واحدا منها يمكن معالجته علميا والاستفادة منه طبيا وهندسيا وباستخدامات عديدة بالعوازل الكونكريتية وغيرها ، ومن خلال الدراسات بالجامعة مع الطلبة تمكنا من الوصول الى انتاج مواد هائلة بدلا من استيرادها، وامكانية تشغيل معامل ومصانع متوقفة والاستفادة منها في تشغيل العاطلين عن العمل ضمن خطة مدروسة ، فضلا عن التقليل من تلوث المياه وذلك بدفن المواد البلاستيكية وانتاج غاز الميثان بعد طمرها بين (2-3) سنوات وهذا انجاز عالمي توصلنا اليه كوني تدريسيا بالملوثات البيئية وممثلا عن الشرق الاوسط وشمال افريقيا ، لكن مع الاسف في بلدنا نفتقد الى التوجه المحلي.
فرص عمل للشباب
وفي ذات السياق بينت مهدية اللامي عضوة مجلس محافظة بغداد/ رئيسة لجنة المنظمات المدنية : ان ادارة ملف النفايات في العاصمة بغداد ضعيف وروتيني وبحاجة إلى التطوير، علما بان مجلس المحافظة مستمر بالتنسيق مع أمانة بغداد لإيجاد حلول سريعة لهذا الملف.
واكدت تفعيل دور المنظمات المدنية في توعية افراد المجتمع وخصوصا المرأة وبناء القدرات لضمان المشاركة الفعالة لهم، فضلا عن مشاركتهم في صياغة السياسات والبرامج والخطط الخاصة بالإدارة المتكاملة للمخلفات، وتنفيذ المشروعات الميدانية وخاصة عمليات التدوير في انتاج الاسمدة العضوية والطاقة النظيفة من اجل خلق فرص عمل للشباب ومساعدتهم على اقامة مشروعات صناعية صغيرة. وقد اطلقت المنظمات حملة حول أهمية ترشيد استهلاك المياه وادارة النفايات، واستطاعت إقناع المرأة في ترشيدها الذي يفوق الرجل بمراحل قد تصل إلى 80 % من استخدامها المنزلي وغرس ثقافة الوعي لديها، ما ينعكس إيجابيا على الجيل الجديد سواء في عملها بتعليمها للطالبات أو في تربيتها لأبنائها.
دورات للمرأة
اكدت زهور عبد ناصر / قسم تمثيل المرأة في محافظة بغداد: على قدرة المرأة في الترشيد للمياه ، وحرصها على إغلاق الحنفية بعد استعمالها، وتوجيه ابنائها إلى التقليل من عملية استغلالها، والاسراف في تنظيف المنازل . ولكن هناك مشكلة تواجهها ربة البيت بانقطاع الماء باستمرار في فصل الصيف في اغلب المناطق السكنية، نتيجة استهلاكه لدى المواطنين في الشرب والغسيل والاستحمام واستخدامات اخرى ضرورية، وطالب المواطنون امانة بغداد بتبليغهم عبر وسائل الاعلام لغرض الاستعداد بخزن احتياجاتهم من المياه مع فترة انقطاعه .
واضافت ان توعية المرأة باهمية الاستهلاك اصبحت مطلبا مهما لضمان التنمية المستدامة في جميع المجالات، ولن يتم اقناع المجتمع بها الا من خلال تغيير العادات اليومية الناتجة عن سلوكه الاستهلاكي كونها مشكلة تتصدر
همومه.
واعتبرت ناصر تنظيم الدورات لتوعية النساء التي اقامها قسم تمثيل المرأة للاستفادة من النفايات الصلبة في المنزل وتعليم افراد الاسرة كيفية تجميعها بفصل المواد المعدنية والزجاجية والبلاستيكية عن المواد العضوية، وبالتالي امكانية التخلص من النفايات التي لا تتحلل بسهولة، فضلا عن طبع البوسترات والفولدرات التوعوية وتوزيعها على الدور السكنية المتعلقة بترشيدهم للمياه والاستفادة من تدوير النفايات .