عبدالزهرة محمد الهنداوي
معدل إنتاج الطاقة الكهربائية، أقل من معدل الزيادة السكانية، وثمة سبب ثان، هو الآخر يعد عاملا مهماً يؤدي إلى عدم كفاية الطاقة الكهربائية المنتجة لسد الحاجة، وهو الإفراط في الاستهلاك
منذ عقدين ونيّف، تحاول الحكومات المتعاقبة في العراق، معالجة أزمة الكهرباء المتجذِّرة، وكلما اقتربت من العلاج المناسب، ذهب الدواء جفاء، لتستمر الأزمة، يأتي ذلك في ظل تزايد معدلات الطلب نتيجة الزيادات السكانية المضطردة، ومعنى هذا أن معدل إنتاج الطاقة الكهربائية، أقل من معدل الزيادة السكانية، وثمة سبب ثانٍ، هو الآخر يعدُّ عاملاً مهماً يؤدي إلى عدم كفاية الطاقة الكهربائية المنتجة لسد الحاجة، وهو الإفراط في الاستهلاك، وهذا الإفراط ربما نتاج ثلاثة عوامل، الأول رخص أسعار وحدات الطاقة المجهزة للمواطنين أو الوحدات التجارية، وهذا من شأنه أن يشجِّع على اللامبالاة في الاستهلاك، بعيداً عن الترشيد والتقنين، والثاني مرتبط بالأول، وهو ضعف الجباية، ونتيجة لذلك فإن لوزارة الكهرباء ديوناً كبيرة بعضها على المؤسسات الحكومية، الأمر الذي يضطر الحكومة إلى تعويض تلك الديون، بالمزيد من التخصيصات المالية ضمن الموازنات العامة السنوية، لتمكين الوزارة من أداء مهمتها، وهذا الأمر عرّض وزارة الكهرباء والحكومة إلى سيل من الاتهامات والمواقف السلبية، سياسياً وشعبياً، واتهامها بعدم قدرتها على توفير الكهرباء، بما يتناسب وحجم التخصيصات المالية، أما العامل الثالث، فيتمثل بنشوء التجمعات العشوائية، التي تمددت على حساب الطاقة الاستيعابية للخدمات والبنى التحتية وفي مقدمتها الكهرباء.
وفي ظل هذا المشهد المعقد، تحاول الحكومة البحث عن حلول غير تقليدية يمكن أن تُسهم في سد أو تضييق فجوة الطلب المتزايدة من الكهرباء، ومن بين تلك المحاولات، استدراج شركات عالمية كبيرة في مجال الطاقة الكهربائية، ومنحها مساحة استثمارية جيدة، والعمل على تنفيذ المشاريع، والتوجه نحو المحطات المركبة، وهنا تأتي مشاريع الربط الكهربائي مع دول الجوار وعبرها إلى دول أخرى، لتمثل خطوة مهمة لزيادة القدرات الإنتاجية، وتحسين مستوى الطاقة المجهزة، وقد تكون كميات الطاقة المجهزة عبر عمليات الربط، ليست كبيرة، ولكن من المؤكد أنها ستُسهم في تحقيق استقرارية واضحة في التيار الكهربائي، فضلاً عن أنها توفر حالة من الضمان بديمومة الطاقة في حال وجود ظروف استثنائية في العراق، ومن المؤكد أن دخول الربط الكهربائي حيّز التطبيق، مع تركيا وعبرها مع دول أوروبا، الذي يضمن توفير 300 ميكاواط، ستغطي حاجة ثلاث محافظات، وقبلها الربط مع الأردن بمقدار 40 ميكاواط، وبعدها سيأتي الربط مع دول الخليج، لاشك أنها ستُسهم في زيادة الطاقة المجهزة، ولكن أيضاً من المؤكد أنها غير كافية، فمعالجة أزمة الكهرباء تحتاج إلى الكثير من الإجراءات، لاتقتصر فقط على زيادة الإنتاج، وتحسين شبكات النقل والتوزيع، وتحقيق الربط الدولي، إنما نحتاج إلى ضبط استيراد الأجهزة الكهربائية وأن تكون وفق مواصفات خاصة، والاهتمام بنوعية مواد البناء، وعزلها حرارياً، وقبل ذلك الذهاب باتجاه تقنين الاستهلاك عبر أسلوب التجهيز الذكي، ذلك لأن الكهرباء باتت تمثل وتين الحياة.