د.عدنان هادي جعاز
عندما أعلنت الحكومة العراقيَّة تأسيس مصرف النهرين الإسلامي في عام 2012، توقعنا أن يكون لهذا المصرف دور فاعل في إصلاح ما يعانيه الاقتصاد العراقي من مشكلات عبر توظيف قوة النفط المالية في أدوات التمويل الإسلامية مثل المشاركة والاستصناع وعقود السلم، وهي أدوات تمويل تنموية بامتياز خصوصاً إذا كان المصرف الإسلامي حكومياً، لكن لم يحصل ذلك.
تمتلك الصيرفة الإسلامية إمكانات كبيرة من خلال تعدد الأدوات فيها، بعكس النظام المصرفي التقليدي الذي يعمل بسعر الفائدة فقط، مما يعطي المصارف الإسلامية قدرة أكبر على التعامل مع حالات مختلفة.
ومن هذه الأدوات عقود المشاركة التي تقوم على مبدأ تقاسم الأرباح والخسائر بين المصرف والمستثمر ويمكن استخدامها في المشروعات الكبيرة مثل المدن الاستثمارية وبناء المصانع والمستشفيات والجامعات وهذا النوع معمول به على نطاق واسع في دول الخليج وماليزيا.
أما عقد الاستصناع فيستخدم بشكل رئيس في تمويل المشروعات الصناعية والإنشائية ويتميز بمرونته وإمكانيته لتلبية احتياجات العملاء المتنوعة ويشجع على تطوير الصناعة المحلية وتحقيق التنمية الاقتصادية المستدامة.
من خلال فهم آلية عمله وشروطه، يمكن للمصارف الإسلامية والمستثمرين الإفادة من هذه الأداة المالية لتعزيز النمو الاقتصادي، استخدم هذا النوع في مشروعات استراتيجية مهمة، منها بناء مصانع.
أما عقد السلم فيعد أفضل من الأدوات المالية المهمة في النظام المصرفي الإسلامي لتمويل المشروعات الزراعية، إذ يحصل المزارعون على التمويل اللازم من المصرف لزراعة المحاصيل مقابل الالتزام بتسليمها عند الحصاد وفي هذا الصدد كانت تجربة السودان تجربة مهمة جداً، إذ تمكنت المصارف الإسلامية الحكومية من النهوض بالواقع الزراعي بشكل كبير جداً، ولو كان السودان يملك قوة مالية مثل ما يملك العراق لكان النجاح أكبر بكثير.
أما عقد المضاربة فهو عقد يهتم بتمويل التجارة، إذ يقدم المصرف المال للتاجر على أن تكون هناك نسبة من الأرباح للمصرف، أو العكس من الممكن أن يكون المصرف هو المضارب.
ولهذا أكدنا أنَّ المصرف الإسلامي هو مؤسسة شاملة، وهذه نقطة خلاف جوهرية بين المصرف الإسلامي والمصرف التقليدي، ومما سبق ندعو الحكومة العراقية إلى تفعيل دور مصرف النهرين الإسلامي، وهذا يحقق أمرين مهمين هما دعم القطاع الخاص من خلال المشاركة في ما يملك من ميزات تجارية أو عقارية أو حتى عقلية صناعية، مع تحقيق أرباح مهمة للحكومة فضلاً عن أنه سيكون الرائد للمصارف الإسلامية الأهلية وحتى التقليدية.