ياسر المتولي
مراجعة سريعة لأسباب واتجاهات الصراع الدولي والمتمثل بالحرب الباردة بين قطبي القوى الكبرى أميركا والصين وحليفاتهما والتي قد تقود إلى حرب عالمية ثالثة محتملة.
هناك مقاربة قد تبدو واضحة من خلال ما حدث في الفترة الواقعة ما قبل وبعد وقوع الحربين العالميتين وما يحدث الآن بما ينذر بحسب مؤشرات وتوقعات بحدوث الحرب الثالثة. نأتي إلى توضيح هذه المقاربة عبر هذا العرض والتحليل المتواضع مع توفر ذات الأسباب ولكن بانتظار النتائج.
من العام 1914 إلى 1918 حيث فترة وقوع الحرب العالمية الأولى وانتهت ووضعت أوزارها وبعد مرور عشرين عاماً أين من 1919 إلى 1939 حيث الفترة التي وقعت فيها الحرب العالمية الثانية وعلى مدى 20 عاماً بين الحربين كانت فترة انتقالية اتسمت بالتمهيد لزحزحة بريطانيا العظمى عن عرش العالم وهنا أتحدث اقتصادياً ثم انتقلت الهيمنة إلى الولايات المتحدة الأميركية في العام 1944.
وما دام الحديث في الجانب الاقتصادي فإنَّ واحدة من خصائص الفترة الانتقالية تخلي العالم عن قاعدة الذهب ولم يتمكن من الوصول إلى صيغة أخرى لتستند إليها الدول في قياس وحدات عملاتها وهنا حصلت الفوضى النقدية التي ما زلنا نعيش أحداثها.
فكان من نتائج الحرب أن أزيل النظام الاقتصادي القديم ولم تتمكن الدول من تشكيل النظام الجديد ففي العام 1971 تم اعتماد الدولار كوحدة قياس أقيام العملات والتخلي عن ربط الدولار بالذهب بموجب اتفاقية صندوق النقد الدولي في العام 1944 المشار إليها آنفاً وهو النظام النقدي الدولي الحالي السائد والذي تتمثل فيه فوضى نقدية وبيئة اقتصادية متذبذبة وغير مستقرة.
ويُجمع خبراء ومفكرون في الاقتصاد على أنَّ المرحلة الحالية التي نعيشها في ظل نظام اقتصادي محكم أميركياً أشبه كثيراً بتلك الفترة الانتقالية التي مرت.
أي بمعنى ما يحدث من حرب اقتصادية هو عبارة عن محاولات لإزاحة النظام الاقتصادي الحالي والانتقال إلى نظام اقتصاد عالمي جديد غير محكوم بأحادية السيطرة الأميركية.
ومن مؤشرات هذا الصراع محاولات الصين ومجموعة بريكس إيجاد عملة منافسة لإزاحة هيمنة أميركا الدولارية على الاقتصاد العالمي من خلال مؤسساتها العالمية صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والمنظمة الأميركية للتنمية الدولية وهي أذرع العولمة.وهنا تشير الدلائل والوقائع إلى أنَّ محاولات تغيير النظام الاقتصادي لا يمكن أن تتم دون وقوع الحرب فتوقعات الخبراء أنها أي الحرب قد تكون قادمة ليصار من بعدها إلى الجلوس للتفاوض على شكل النظام الاقتصادي الجديد ومن يقوده.
من هنا فإنَّ المقاربة التي أشرنا إليها في مقدمة المقال في تشابه الأسباب والظواهر التي قادت إلى الحربين شاخصة أمامنا. وعلى الرغم من ذلك ربما تكون الحرب الروسية الأوكرانية وزج أوروبا فيها كحرب شبه كونية، هي نهاية الفترة الانتقالية الجديدة وعلى غرار فترة ما بين الحربين الأولى والثانية، لينتهي العالم بنظام نقدي دولي جديد تتصدره عملة مجموعة بريكس! وهذا التحليل دفعني لاختيار مسارات الاقتصاد العالمي عنواناً له.