د. محمد وليد صالح
التحوّل الاقتصادي والنهوض بالواقع الاجتماعي والثقافي هدفان للتنمية، بوصفها حصيلة فكرية وعملية متعددة الأبعاد، سواء أكانت اقتصادية أم قيمية أم أخلاقية، وأهمية توافر مناخات ملائمة وتهيئة متطلبات العمل لنجاحها واستثمار نتائجها لصالح أفراد المجتمع، والشاملة على التكوين المادي والمعنوي لهم ومعالجة آثار الفقر والبطالة، والإسهام في الاستقرار السياسي، الذي ينعكس على الأداء المؤسساتي وتحسينه.
وبالتالي تظهر اهمية تمكين القطاع الشبابي بواسطة بناء قدراته الابداعية وتحريرها وزيادة الموارد المتاحة وتطويرها، عن طريق اكتساب الخبرات وتوظيفها الصحيح للطاقات والإمكانات، فضلاً عن تفعيل العمل الخلاق وطرح الأفكار المستحدثة وتوسيع فرص التعبير عن الذات، بهدف صناعة الحياة الجديدة عبر أدوات التواصل وتفاعلية الإعلام المرئي والمسموع والمقروء.
وتتطلب التنمية في أي بلد توافر منظومة تعليمية تتسم بالمرونة العالية والكفاية وإمكانية التعرف على الموهوبين الشباب والمبدعين واكتشافهم منذ وقت مبكر ورعاية قدراتهم العلمية، وخير دليل نورده في مجال ذكرنا ما حققه قسم من دول العالم الثالث من تقدم علمي في مجالات متنوعة، وكانت تصنف في عداد الدول التي تعاني من آثار الفقر ومنها الهند وماليزيا والصين والبرازيل وقسم من دول جنوب شرقي آسيا، وأصبحت مراكز جذب للكثير من الصناعات المعتمدة على التقانات الحديثة ذات القيمة العالية المضافة إلى اقتصادياتها.
فالتحوّلات السياسية التي حدثت في العالم وقادها نخبة الشباب بوصفهم صنّاع المستقبل وقادته، دليل يؤشر على مدى الفعل المؤثر في هذا القطاع الواسع ووعيه لمسؤولياته، لمعالجة جوانب السكون وتغيير أسلوب إدارة المجتمع عن طريق استثمار طاقاتهم المعرفية والبدنية، والعمل على جعل ثقافة المجتمع جماهيرية ولا تقتصر على الصفوة ذات مستويات التعليم العالي، بمعنى أن هذه المرحلة الأكثر تأثيراً في مسارات التنمية الاقتصادية والفكرية، يمكن اعتمادها لإدارة رأس المال البشري والمادي، لتوجيه المهارات التطبيقية لمواكبة التطورات الحاصلة في الميادين المتنوعة وفتح باب المنافسة العالمية.
فإن باكورة المبادءة باهتمام بيت الحكمة بمناقشة مشكلات الشباب وهمومهم في الملتقى العربي الأول في بغداد لبحث (دور الشباب في التنمية البشرية) بالتعاون مع المنظمة العربية للتنمية الإدارية التابعة لجامعة الدول العربية في شهر كانون الأول/ ديسمبر 2013، وسبق هذه التظاهرة العلمية عقد المؤتمر الموسوم (بناء الشباب بناء العراق) ومع إعداد خطة التنمية الوطنية الخمسية.
وتعد المشكلات البنيوية ودراسة تداعياتها وتحليلها هدف أساس لاستراتيجية تطوير قطاع الشباب وإجراء عملية الاصلاح الاقتصادي والاجتماعي والسياسي والثقافي، على وفق خطة التنمية المستدامة التي تسعى إلى المشاركة العامة والسياسية الفاعلة لإدارة أجهزة الدولة وخدمة المجتمع، وليس عبر الاستعمال الدعائي لواقع الشباب وقضاياهم، سواء على الصعيد المحلي أم التشريعي العام.
إنَّ التسويق الإعلامي لبرامج تنمية قدرات الشباب وبناء مواهبهم العلمية الابداعية، عبر عملية التخطيط للنشاطات التسويقية لاستراتيجيات التنمية وسياساتها وبرامجها على وفق تنظيم وتنسيق والتنفيذ والمتابعة لتحقيق الأهداف المنهجية لموضوعة، كمؤشر على تقدم المجتمعات ورقيّها.
فصناعة مستقبل الشباب تعتمد على عناصر أساسية ومنها المنتج الحضاري ومرتكزاته بما فيها الإنسان والأرض والزمن، فضلاً عن مرتكزات رأس المال المعرفي، بما فيها البحث العلمي والتنمية والتنافسية المعرفية، فالمال يردف الاقتصاد والعلم يردف المعرفة والأخلاق تردف الثقافة، بهدف توافر معنى حديث للتنمية المستدامة والحياة الإنسانية.. فالاستثمار في الإنسان بناء للأوطان.