ثائرة سعيد وتوظيفها للمخلفات في عملها الفني

اسرة ومجتمع 2024/08/11
...

 بغداد: سرور العلي  

فنانة تشكيلية ولدت في بغداد، بدأت مسيرتها الفنية منذ العام 1981، وقدمت خلالها ثمانية معارض شخصية، مع خمسة عشر، نجحت مؤخراً بتحويل المخلفات إلى أعمال فنية، وهو الرسم على قناني الغاز، وكان إهداء منها ومبادرة لأي بيت عراقي تصله، وكانت رسالتها ومضمونها بالأساس أشياء عدة، ومنها الحفاظ على شكل تلك الوسائل من خلال وجود الفن عليها، إضافة إلى أن الفن، هو الجمال الذي يستشعره الجميع، وهو مهم بأبسط صوره، كما إننا نستطيع تغيير كل ماهو قبيح إلى جميل، وكان انعكاس الموضوع على المتلقي دليلاً واضحاً على رقي الذائقة الفنية لدى العراقي، وحبه ومساندته لكل ما يلمس الجمال ويعبر عنه.

بداية
البداية الحقيقية في أول معرض شخصي لي في كلية الآداب بجامعة بغداد، إذ قمت بإعادة  تدوير العديد من المخلفات المنزلية، وأضفت إليها الزهور والنباتات المجففة، وكانت حوالي 42 عملاً فنياً، ولاقى المعرض تجاوباً عظيماً من الأساتذة والطلبة، بحيث لم يبق من الأعمال إلا القليل التي استأثرت بها لنفسي، ثم انتقلت لتصميم الكارتات المتعارف عليها في ذلك الوقت بفن الكولاج، واستخدمت فيها الرسم بألوان البوستر والورود المجففة، والأقمشة إضافة للكارتون الملون، وقدمت في المعارض ما يقدر بـ3000 كارت.

تجارب ومعارض
انتقلت لتصميم الأزياء، وأقامت مع ثلاث نساء معرضاً شخصياً بتصاميم حديثة للشيلة والعباءة، وكانت حصتها هي الرسم عليها، وكان عدد القطع ٤٥ قطعة كاملة، وقدمت بآخر معرض بعنوان «O2»، أي أوكسجين وهي أعمال من نوع آخر، لإعادة التدوير، فكانت اللوحات أكبر بكثير من السابق، وكانت 23 لوحة، ومواد العمل مختلفة، إذ استخدمت صناديق الكارتون، ولحاء خشب الأشجار، والمناديل ونشارة الخشب، وليف النخل وأوراق الدفاتر المدرسية المنتهية، والجرائد والمجلات القديمة، وكارتون ملون لصناديق الحلوى، وخيوط القنب، واستخدمت مواد لاصقة، صديقة للبيئة وألوان الاكريلك، وكانت الفكرة هي توجيه أنظار الناس للبيئة، وأهمية الحفاظ عليها، ومخاطر تلوث الهواء والأنهار، وضرورة وجود الغطاء النباتي، وكانت دهشة الحاضرين هي مقياسها الحقيقي للنجاح، بسبب المواد المستخدمة
وطريقة توظيفها، لخدمة الفكرة الأساسية.

تأثر
ولفتت إلى أنها تأثرت بوالدتها، كونها كانت فنانة شاملة، وضعت بصمتها في كل أفراد أسرتها، وهي واحدة منهم، وقد كان شغفها بالمجلات والألوان، والرسم والفنون، والطبيعة والزهور هو الذي صاغ أسلوب عملها، ذلك هو عالمها الذي تشعر بالانتماء إليه، في أفضل الأحوال وأسوأها وكان ملهمها، لقد جربت معظم أساليب المدارس الفنية في الرسم ونجحت بها، لكن المدرسة الواقعية، كانت هي وجهتها المفضلة.

تحديات
وترى سعيد أن التحديات كانت وما زالت كثيرة، ولم تجد طريقها ممهداً إطلاقاً، لكن وجود أشخاص داعمين لها في حياتها، كان واحداً من أهم أسباب ثباتها، وهي مدينة لهم بكل خطوة للأمام، واختيارها لعالمها الفني، لم يأت صدفة، بل محاولة منها لخلق عالم آخر فيه من الجمال ما يعوض عما نفتقده، وأول رسائله المحبة والسلام.
تقييم
وعن تقييمها للحركة التشكيلية العراقية أوضحت سعيد: «وثقت حضارة العراق بالفن، وهذا
دليل على أن هذا المجال بكل أنواعه، كان وما زال ركيزة مهمة في حياة الإنسان سواء أدرك ذلك أو لا، وكل الشعوب في أي مكان من هذا العالم تمارس الفن كهوية لها، لكن الفرق بين شعب وآخر هو الادراك والاحتواء، وحتى نحافظ على إنسانيتنا من الضروري جداً أن يصبح الفن له قيمة عليا، من خلال احترام الفن بكل أشكاله، سواء كان رسماً أو نحتاً أو موسيقى أو خزفاً وتصميماً، ولكي نحظى بإنسان سوي من المهم أن يصبح موازياً للعلم والتكنولوجيا، وليس أقل منهم، وهذا يعني أن نتاج الفنان يجب تقديره وعدم الاستهانة به، خاصة أنه لا يتكرر، ويأتي ذلك من خلال وعي المجتمع بقيمة الأعمال وقيمة الفن والرسالة التي يقدمها».