تصدير الأزمات الاقتصاديَّة

اقتصادية 2024/08/12
...


ياسر المتولي



من يتتبع المسارات الاقتصاديَّة العالميَّة يلاحظ بين الفينة والأخرى حدوث أزمة ماليَّة هنا وأخرى هناك.

وتقود هذه الأزمات إلى حدوث أزمات اقتصادية انتقالية ظاهرة بوضوح في بعض الدول وخفيَّة في دول أخرى، والتأثيرات مختلفة هنا وهناك تبعاً لهشاشة اقتصاد الدول التي تظهر فيها الأزمة من حيث الوضوح ومتانة اقتصاد الدول الأخرى التي تكون تأثيراتها فيها خفية. ولعلّ المال هو أس المشكلة، إذ تتبلور تفاعلاته لتنعكس على الاقتصاد.أشير فقط لأغراض التحليل والتوضيح لآلية حدوث الأزمات المالية في المراكز الرأسمالية الكبرى ومن ثم انتقالها إلى أزمات اقتصادية عالمية، إذ سبق أن ذكرت في المقال السابق الذي حمل عنوان: مسارات الاقتصاد العالمي مفردة (الفوضى النقدية) وكنت أعني بذلك ما لهذه الفوضى من دور كبير في حدوث الأزمات الواضحة، إذ تشكو الاقتصادات الهشة حدوث أزمات اقتصادية متواصلة وفي أقل تقدير خلال الدورة الاقتصادية التي تُعرف كما يلي (إنها تقلبات تطرأ على النشاط الاقتصادي فينتقل من حالة الانتعاش والنمو إلى حالة الركود والكساد، حيث ينخفض النمو وتزداد البطالة، ثم تستمر الدورة لغاية النهوض من جديد وبلوغ الانتعاش). ويُرجع خبراء في الاقتصاد أسباب الأزمات الاقتصادية إلى أنها أزمات مصدرة من الاقتصادات المتقدمة (من الخارج) إلى الاقتصادات النامية وهي من نتاج العولمة التي فتحت الحدود على مصراعيها باتفاقات دولية ملزمة للدول، وساعدت في تعميقها أذرع العولمة ولاسيما صندوق النقد الدولي والبنك الدولي ومنظمة التجارة العالمية والمنظمة الأميركية للتنمية الدولية في فرض شروطهم المتشددة الملزمة سواء في مجال التمويل ومنح القروض أو المساعدات التي تحتاجها الدول وضرورة تطبيقها على سياسات تلك الدول بما يحقق قدراً عالياً من الليبرالية الاقتصادية وهنا تصبح الصورة واضحة بشأن تصدير الأزمات التي تتصدر الأسواق المالية، إذ إنَّ المال هو الأساس. 

أما معنى ومفهوم الترحيل فبتعريف بسيط هو ترحيل الأزمات الاقتصادية داخلياً من قبل الدول المتلقية للتمويل والمساعدات فتكون الحلول ترقيعية، لذلك تجد الأزمات متواصلة في بعض الدول. إنَّ الفوضى النقدية التي خلّفها قرار تخلي العالم عن قاعدة الذهب معياراً لتقييم العملات في العام 1971 وتحرير أنظمة الصرف وتحرير تحركات رأس المال هي وراء حدوث الأزمات الاقتصادية والمالية دون حلول جذرية وبذلك فإنَّ المال هو أساس البلاء الاقتصادي خصوصاً في الدول التي لا تحسن إدارته.. فمن الطبيعي أنَّ الفوضى النقدية تتسبب في تذبذب أسعار الصرف والفروقات بين السعر الرسمي والسعر الموازي وهي ظاهرة بارزة في الاقتصادات الناشئة والضعيفة والأمثلة تأتي على سبيل المثال وليس الحصر الاقتصاد التركي والإيراني والمصري والعراقي وغيرها العديد مع أسباب أخرى طبعاً، وهي السبب في حدوث الأزمات المالية. فالأزمات ظاهرة مصدرة من الخارج وأنَّ ترحيلها يتم في حلول تواجه من الداخل وهو ما يتسبب في حدوث أزمات مالية متواصلة في الدول المرحلة لحلول أزماتها وهذا ما يجب الانتباه إليه. من هنا جاء اختياري لعنوان المقال: الأزمات المالية بين التصدير والترحيل.