المشاريع المتلكّئة بين الاندثار والمعالجة

اقتصادية 2024/08/22
...

عبد الزهرة محمد الهنداوي



ما زال ملفّ المشاريع المتلكئة والمتوقفة، في عموم العراق، يمثل تحدّياً للحكومة، وفي ذات الوقت، مشهداً مُستفِزّاً للناس، فمنظر بعض هذه المشاريع لا يسر الناظرين بعد حالة الاندثار التي تعرّض لها ليبدو وكأنه بيت مهجور عاثت به عاديات الزمان خراباً، فضلاً عن ذلك فإنَّ هذه المشاريع ابتلعت أموالاً ليست بالقليلة، فبعضها شهد قبل أن يتوقف، نسب تنفيذ متقدمة، ربما تجاوزت الخمسين بالمئة، وقبل هذا وذاك، أنَّ تلك المشاريع، في حينها كان الهدف منها تحسين مستوى الخدمات المقدّمة للمواطنين، لكنَّ المشكلة أنه لا المشاريع أنجزت، ولا الأموال حُفظت، لتتمَّ الاستفادة منها في مجالات أخرى، والأصعب من هذا كله، أنَّ جلّ المشاريع المتوقفة توقفت بقرار حكومي، ذاك هو القرار 347 لسنة 2015، الذي قضى بإيقاف المشاريع لعدم إمكانية توفير التخصيصات المالية لها، في وقت كانت الدولة تواجه تحديين خطيرين، الأول، الحرب ضد الإرهاب، وبالتالي كان ذلك يمثل تحدياً وجودياً، والثاني انهيار أسعار النفط إلى أدنى مستوياتها، فكانت الدولة ذات عُسرٍ وربما فاقة أيضاً، ليس أمامها سوى إغلاق أبواب الإنفاق لأغلب المجالات، وفي ظروف كان فيها الصرف على المشاريع يعد ترفياً، إزاء تحدّي بقاء الدولة على قيد الوجود.

ولكن بعد زوال تلك الظروف، وزوال غيمة الإرهاب وتعافي أسعار النفط، كان لابد من الالتفات إلى المشاريع المتلكئة، وإيلائها الأهمية، التي تتناسب وأهميتها الخدمية، وحجم الأموال التي صُرفت عليها والتي تُقدّر بأكثر من 20 تريليون دينار.

كانت ثمة محاولات حكومية ما بعد 2019، للمعالجة، وقد تكون تلك المحاولات حققت بعضاً من النتائج، إلا أنها لم تُفلح في معالجة الملفّ كاملاً، وبقيت الكثير من المشاريع معلّقة، بانتظار الحل، ومن هنا أولت حكومة السيد السوداني ملفَّ المشاريع المتلكئة اهتماماً خاصاً، وجعلته من أولوياتها، وركزت على المشاريع ذات الصبغة الخدمية، كمرحلة أولى، إذ يجري التركيز على مشاريع المدارس والمستشفيات، والماء والصرف الصحي، بوصفها متطلبات حياتية أساسية، وتؤكد الحكومة أنَّ نتائج مهمة تحققت في طريق الحلول والمعالجات، للكثير من المشاريع المتلكئة، لاسيما مشاريع المشافي، وعددها ليس قليلاً، وقد تكون الإشكالية الأبرز التي تواجه هذا الملفّ، هو وجود عدد غير قليل من هذه المشاريع، تواجه إشكالات تعاقدية بين الشركات المنفذة والجهات المستفيدة، الأمر الذي يتطلب حسم هذه الإشكالات قضائياً، وهذا بحد ذاته يتطلب المزيد من الوقت، والكثير من الإجراءات، ريثما تُحسم تلك الإشكالات، وأنَّ التأخير معناه المزيد من الاندثارات في هذه المشاريع، والاندثار معناه زيادة كلفة المشروع، أو إفراغه من قيمته التنموية والخدمية، وبالتالي ربما يصار إلى حذف أو إلغاء بعض من تلك المشاريع، لأنه لن تكون لها جدوى اقتصادية أو خدمية بعد مرور سنوات طويلة على توقفها واندثارها بالكامل.