حينما كان عمري ثلاثة عشر عاماً، أهداني والدي لعبة. تبين لاحقاً اسمها الشطرنج ... في بادئ الأمر لم اعرف كيفية لعبها ولكن بمرور الأيام تعوّدت عليها ... وحيثما لم يكن لدي أخ ليلعب معي، فقد تعوّدت عليها وحدي ... كنت غالباً ما اختار اللون الأسود، واللون الأبيض معاً، نعم ألعبها مع نفسي.
في يوم ما، كنت ألعب الحصان، كنت أحبه كثيراً. لذا أكثر ما تراني ألعب به وحده. وأحياناً أنهي اللعبة بتحريك الحصان فقط. وحينما قررت يوماً ما أن ألعب بالوزير ... وجدته جاثياً لا يتحرّك !! هذا الشيء اثار استغرابي ... حاولت تحريكه لكنه لم يتحرّك، وفجأة !! وحينما أردت أن العب به الى وسط الرقعة. تحرّك باتجاه معاكس. الأمر الذي أثار غضبي. فانهيت اللعبة وخلدت الى النوم.
في الليلة التالية وجدت الوزير يتصرّف بغرابة !! أغرب من الليلة السابقة ... فبدلاً من أن يحمي الملك. كان يهاجم الملك !! وحاصر الملك من كل زاوية ... فانتابني الذعر. واخذت اللعبة وحفظتها في مكان بعيد، ورجعت الى غرفتي مرتعشاَ جسمي.
في الفجر. فززت من نومي، ورأسي يؤلمه الصداع ... لقد كان الجو غريباً. لم أكن في غرفتي، بل وجدت نفسي داخل اللعبة، داخل الشطرنج !! ظننتني في حلم ...تفحصت الأجواء بارتياب. ساءلت نفسي إن لم أكن انا اللاعب فمن اللاعب؟ ... حينها عاينت إلى الأعلى ووجدته الوزير !! ... الوزير من كان يحرّك القطع لم يكن هذا الأمر الأكثر غرابة. الغريب انني لم أجد بيادق في الرقعة !! كنت أنا البيدق ... والوزير هو حاكم اللعبة.
كان الخوف يداهمني. أردت أن استغيث بصديقي الحصان. لكنني لم أقدر، طالما أنني أتحرك خطوة واحدة وإلى الأمام، فمن المحال أن أبلغه.
أنتابتني فكرة في رأسي ... سرّ تعلمته أثناء لعبتي ...هو أن أصل إلى نهاية الرقعة، وأتحول إلى وزير، حينها ربما قد أقتل الوزير.
مشيت خطوة خطوة إلى أن بلغت نهاية الرقعة ... وتحوّلت !! ليس إلى ما كنت أريده ... فبدل أن أتحول إلى وزير. تحوّلت من بيدق إلى بيدق.!