السكيزوفرينيا

منصة 2024/08/29
...

السكيزوفرينيا (Schizophrenia) أو الفصام، هو مرضٌ نفسيٌّ تظهر أعراضه عادة بعمر 14 الى 30 سنة، وهو يصيبُ الرجالَ أكثر من النساء، ويصيب سكان المدن أكثر من سكان الريف؛ لأنَّ الحياة في المدن أشد تعقيداً منها في الريف، كما أنَّ مطالبها وقدرة الفرد على التفاعل مع بيئته التي يعيش فيها أسهل منالاً في الريف منها في الحضر.

أعراضه
أوضح ما في هذا المرض هو غرابة أعراضه، فالمصاب به يظهر خاملاً أحيانا، عديمَ الرغبة في الاشتراك في أي نشاطٍ حتى يصل به الى درجة البلادة والجمود، كما أنه يميل الى الهرب من المجتمع، وينطوي على نفسه في عالم الخيال والأوهام وتظهر عليه علامات الكآبة والحزن، كما يكون سهل الانقياد الى غيره حيث تراه يتحول فجأة من شخصٍ هذه صفاته الى شخصٍ شديد الحساسيَّة، يبكي تارة ويضحك أخرى من دون سبب.
ويعدُّ هذيان الاضطهاد من أبرز وأوضح مظاهر هذا السلوك الشاذ، يتجسد في أنَّ المريض يتشكك كثيراً في الأمور المتعلقة به، إذ يعتقد دائماً أنَّ ما يقوم به من أعمالٍ هي مدعاة للتأويل من الغير. وقد يذهب به الشك أحياناً أنَّه إذا دخل على جماعة من الناس فإنَّه يعتقد بأنهم يتحدثون عنه، بل قد يذهب به الشك الى أبعد من هذا، فمثلاً إذا شاهد شريطاً سينمائياً تدور أحداثه حول قصة معينة، خيل إليه أنَّ الموضوع متصلٌ به وأنَّ القصة ما كتبت إلا من أجله، وإذا ما قرأ في الصحف أنَّ الشرطة تتعقبُ مجرماً هارباً، اعتقد أنَّه هو المقصود مع أنه لم يرتكب جرماً.
والمفارقة أنَّ شعوره بـ(الاضطهاد) تظهر معه صفة نقيضه هي (جنون العظمة)، إذ يحدث في حالاتٍ أنْ يعتقد المريض أنَّه من أصحاب الثروات الطائلة، أو أنَّه عريقٌ في الحسب والنسب، الأكثر من هذا أنه يعتقد أنَّ الانبياء والرسل والأولياء والقديسين يتحدثون إليه في خلواته، وأنّض لديه القدرة على الاتصال بهم في منامه، بل قد يصل به الحال الى أنَّ بإمكانه رؤية الله سبحانه ومناجاته.

الأسباب
اختلف الباحثون في تفسير هذا المرض، فمنهم من يرجعه الى أسبابٍ عضويَّة بيولوجيَّة، ومنهم من يخضعه لعوامل نفسيَّة. ويبني أصحاب الرأي الأول نظريتهم على أساس اضطرابات في عمل الغدد الجنسيَّة، مستدلين بظهور الشعر في وجوه المرضى من النساء واختفائه من وجوه المرضى من الرجال حيث تكون وجوههم ملساءً لا شعر فيها، بينما يرى أصحاب المذهب النفسي بأنه ينشأ نتيجة تكليف أشخاصٍ ذوي تكوينٍ خاصٍ في الناحية الجسميَّة أو الناحية المزاجيَّة بأعمالٍ ليس في طاقتهم أو استعدادهم أو القدرة على القيام بها تؤدي الى فشلهم، الأمر الذي يضطرهم الى هروبهم من عالم الواقع الى عالم الخيال، يكوّنون فيه لأنفسهم طرقاً خاصة في التفكير والتصور الوهمي الكاذب.

العلاج
يكون علاج هذا المرض ببعث الثقة في نفس المريض وتهيئة جوٍ من الطمأنينة والمرح والتفاهم والشعور بالنجاح والتقدير والاستقرار، وتكوين روابط بين المريض وطبيبه النفسي تقوم على أسسٍ من الصداقة، وألا يتعامل معه الناس على أنه (مجنون)، بل إنَّه مريضٌ نفسياً مثل كثيرين، وأنْ تعاملهم على أنّه إنسانٌ يساعد ويسرع في علاجه.