تداعيات الأميَّة

اسرة ومجتمع 2024/09/08
...

سعاد البياتي

في يومها العالمي الذي يوافق، اليوم الثامن من أيلول، لا بد من الخوض في محوها وخلو المجتمع منها بعد أن تفاقمت حالاتها بشكل كبير، فمنذ سنوات عديدة طلبت مني إحدى جاراتي، والتي قاربت الأربعين من العمر أن أدلها على موقع مراكز محو الأمية؛ لرغبتها الشديدة في تعلم القراءة والكتابة، لتكون وحسب ادعائها متمكنة من قراءة الرسائل التي يبعثها ولدها الذي يعيش خارج البلاد، تقول: إنها تطلب في كل مرة حينما تصلها الرسالة الموعودة ممن يتواجد قربها من الجيران أن يقرأها، وأشعر أحياناً بالخجل حينما أكلف أحد الأشخاص بذلك.
ومنذ ذلك اليوم الذي أدخلت إلى قلبها السرور في انتمائها لمركز قريب من منطقتها لمحو الأمية، بدأت بتعلم الخطوط الأولى للكتابة والقراءة وشعرت بمدى أهميتها في حياة الفرد والمجتمع.
ومن منطلق القضاء على ظاهرة الأمية بشكل عام، وجهت منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلم والثقافة اليونسكو، رسالة إلى العالم للاحتفال بيوم عالمي لها، والذي حدد في الثامن من أيلول/ سبتمبر، حيث أكدت اليونسكو أهمية الاحتفال باليوم الدولي لمحو الأمية، كتذكير للشعوب، وخطوة عليا لمكافحة الأمية كواحدة من قضايا الكرامة وحقوق الإنسان لبناء مجتمع واعٍ، وأيضاً زيادة مستوى مهارات القراءة والكتابة، وحسب التقديرات الأخيرة، فلا تزال تحديات مكافحة الأمية قائمة، حيث يوجد ملايين الأميين حول العالم، معظمهم من النساء واليافعين التاركي الدراسة منذ البداية، وهم يعانون من نقص في مهارات القراءة والكتابة الأساسية، ما حدا بزيادة الأعداد والإنذار بكارثة مجتمعية لسوء تقديم الوعي والتحلي بالقدرات العقلية المطلوبة في أي مجتمع نامٍ.
 فالكثير من الأزمات التي تمر بها الأسرة، سببها الجهل والأمية، وتحديداً ما يتعلق منها بالمشكلات الأسرية وطريقة حلها، وتبدو أبعد من ذلك بحسب أن الأمية الأسرية لم تتمكن من القضاء على التقاليد والعادات السيئة التي ترسخت في المجتمع، وزادت من جهله، ليصبح الأبناء ضحايا الأمية التي يعاني منها الآباء، فالتعليم وإدراك القراءة يحميان الأسرة ممن يعبثون بالعقول.
وهذا التاريخ المثبت لمحو الأمية في الثامن من أيلول، هو استذكار ووعي لكل المجتمع في أن يكون يوماً ذا أهمية عالمية، لتحسين دور التعليم والتمسك بدوره لإنهاء الأمية في البلاد، وأن نتطلع إلى مجتمع خالٍ منها، بترغيب التعلم وفتح مراكز محو الأمية، في مختلف المناطق حتى وإن كان إجبارياً.