كيف تهيئ الأسرة طفلها لاستقبال العام الدراسي الجديد؟

ريبورتاج 2024/09/11
...

 سرور العلي 

تبدو الأربعينية لمياء حسن (أم لطفلين)، أكثر نشاطاً، وهي تتبضع المستلزمات المدرسية من إحدى الأسواق الشعبية في بغداد، وتزدهر حركة تجارية مع بداية هذا الشهر من كل عام، لاقتراب الموسم الدراسي، إذ تتزين معظم المحال بالحقائب والثياب، وكل ما يحتاجه التلاميذ، لانطلاق مرحلة علمية، تأمل فيها الكثير من الأسر بتفوق أبنائها وتحقيق نتائج إيجابية.

خطوات 

تقول الموظفة ابتسام يوسف (أم لثلاثة أبناء)، بحماس: "احرص على توفير الأدوات كافة لأبنائي، إضافة إلى النوم بوقت مبكر، والاعتياد على ذلك وجعله روتينا، لتسهيل استيقاظهم مبكراً حين قدوم العام الدراسي، ومرونة التعامل معهم، وحثهم على الافصاح بمشاعرهم وأفكارهم بشأن المدرسة، لتقبل الجو الدراسي الجديد من دون صعوبات".

وأضافت "إذا كان للطفل أول عام دراسي له، فمن المهم تعريفه على بقية الأطفال من عمره، وإداء بعض الأنشطة والفعاليات الجماعية معهم، كالرسم، والموسيقى، والقيام بالتمارين الرياضية والذهنية، كالحساب والقراءة وغيرها، لتحفيزهم على التعلم، وتسمى تلك المرحلة بالفطام الثاني للطفل، وهي انفصاله عن أسرته لبيئة جديدة وأصدقاء جدد، ما يزيد من قلق الأسرة وخوفها، وهذا شيءٌ خاطئ، كون هذا الخوف سينتقل إليه، لذلك من الضروري الاهتمام بالجانب النفسي له، وتكوين علاقات اجتماعية مع الزملاء من حوله، وتقوية العلاقة بين أولياء الأمور والمعلمين، ومنح الثقة للطفل وتشجيعه على المدرسة".

إزالة المخاوف

 الدكتور عبد الكريم خليفة، اخصائي نفسي وتربوي أوضح: "في كل دول العالم ومنها العراق يكون هناك استعداد متكامل لاستقبال العام الدراسي، لا سيما تلاميذ الصف الأول، كون هذه الفئة يصطحبها اضطراب سوء التكيف، وهي فترة يمر بها الأطفال كافة، حتى الذين مروا بمرحلة رياض الأطفال، وهناك نظرية "استقبال التلاميذ"، ومن الضروري تطبيقها في المدارس، وهي تعاون أدارة المدرسة مع أولياء الأمور، لمساعدتهم على التكيف السليم، من خلال الاهتمام بالجانب النفسي لهم، وهي ترغيب الطفل بالمدرسة عن طريق مشاهدتها والقيام بزيارة لها، والتحدث عنها كثيراً وعن المستقبل، وإزالة مخاوفهم، لاسيما تلك المتعلقة بالدوام اليومي وروتين المدرسة والزملاء، لا سيما أن هناك أسرا منغلقة، وليست لديها علاقات اجتماعية، ما يجعل الطفل أمام عائق الاندماج بالمجتمع، ويعاني من خوف، والجانب الآخر، الذي ينبغي كذلك التركيز عليه هو توفير مستلزمات كاملة له، حتى لا يشعر بالنقص داخل المدرسة من ناحية الثياب والأدوات الدراسية الأخرى، وتوفيرها له بشكل معتدل ومن دون مبالغة، لكي لا يعاني من غرور وتفاخر، وبالتالي ستؤثر في علاقته بزملائه، إضافة إلى أن الجانب الآخر والمهم هو الاستعداد التعليمي، فإذا كان الطفل ملتحق برياض الأطفال فالجانب التعليمي لديه يكون سليم، أما إذ لم يلتحق فيعاني من مشكلة تعليمية وصعوبة تعلم".


تأقلم

وتابع خليفة حديثه "بالتالي هذه الصعوبات تؤدي إلى سوء التكيف، ومنها البكاء والهروب من المدرسة والتبول وغيرها، لذلك من المهم توفير تعليم مقبول له قبل انطلاقه في المدرسة، كتعليمه على بعض الحروف، والأرقام، والصور، والكلمات، وبعض المفاهيم التي سيتعلمها، وهي أمور تهيئ الطفل للعام الدراسي الجديد، وهناك أطفال تغلب عليهم المخاوف في الأيام الأولى، فينبغي لأولياء الأمور الذهاب معهم للمدرسة، ثم الابتعاد عنهم خطوة بخطوة، للتأقلم في البيئة الجديدة، وفي بعض المدارس يكون الأسبوع الأول مخصص لاستقبال التلاميذ الجدد، بالأناشيد والسماح لهم بتناول الطعام، ثم التدرج بخطوات نحو التعليم، وتجاوز مخاطر الوقوف في الاصطفاف، والتكيف مع الكثافة العددية للطلبة الموجودين في القاعة الدراسية".


صعوبات

ولفت خليفة إلى أن هناك نظريات لاستقبال التلاميذ للعام الدراسي الجديد، ومنها نظرية "باولو"، وهي إعطاء أربعين يوماً للطفل، وهي ذهاب الأسرة بالطفل إلى المدرسة مع بداية العطلة الصيفية، ثم قبل بداية الدوام بأيام لمشاهدتها، لينتقل في الاسبوع الأول إلى القاعة الدراسية، وبعد ذلك تستقبل إدارة المدرسة الأطفال، وتبدأ الأسرة بالابتعاد إلى أن يتأقلم الطفل مع النظام المدرسي، بعد مرور شهر أو أكثر خلال العام الدراسي، بعكس مدارسنا، التي تستقبل الطفل بالتعليم مباشرةٍ، لذلك تواجه صعوبات، ومنها صعوبة مسك القلم، وتؤدي في بعض الأحيان إلى الخط الرديء، وغيرها من التحديات.

ولفت المتحدث الرسمي في وزارة التربية كريم السيد إلى أنه سيتم التركيز على توعية التلاميذ والطلبة مع بداية العام الدراسي المقبل للحفاظ على الكتب من التلف أو التمزّق لتكون مدوّرة على مدى الأعوام المقبلة، بغية تقليل التكلفة المادية لطباعة المناهج سنوياً من جانب، وتعزيز ثقافة الحرص على المناهج نظراً لقيمتها المعنوية لدى الطلبة من جانب آخر.