الإسهام برفع الإيرادات

اقتصادية 2024/09/11
...

وليد خالد الزيدي



قد تبدو بوصلة تمويل الموازنة الماليَّة تعتمد إلى حدّ بعيد على إنتاج القطاع النفطي سواء كان بتصدير الخام أو منتجاته الثانويَّة وبيعها محلياً، لكن من المنطقي التسليم بأنَّ تحريك المصادر الأخرى للاقتصاد كلها سيؤدي إلى تنويع مصادر تمويل الموازنة وتعظيم وارداتها ومن خلال نشاطات أخرى بإمكانها أن تلعب أدواراً كبيرة في تصاعد منحى الاقتصاد الوطني لاسيما بعد أن أصدرت الحكومة جملة من البرامج والأعمال سواء على مستوى العمليات الإنتاجية أو النشاطات الخدمية ومن خلال تنفيذ مجموعة خطط ومشاريع تدخل ضمن إطار مسارات النظرة الشاملة لاستثمار كامل الثروات الوطنية وكل الإمكانيات وباتجاهات متعددة لكي تعم المنفعة القصوى ومنها ما يتعلق بتنويع مصادر التمويل وزيادة المنافع غير النفطية. 

إنَّ التعمّق في عناصر الدعم المالي الخاص بالموازنة العامة من شأنه أن يدفع بالاتجاهات التنموية المتصاعدة بشكل يجعل من برامج الحكومة تسير بأريحية واطمئنان أكثر وتجنّب أيِّ مشكلة في ما لو حدثت انتكاسة في أسعار النفط بالأسواق العالمية ما يُنذر بانخفاض قيمة الإيرادات المالية التي تعتمد عليها المبالغ المخصَّصة للموازنة العامة لاسيما أننا لم نبلغ بعد مرحلة الاطمئنان لتلك المسألة والتي استندت إلى متوسط سعر نفطي قدره (70) دولاراً للبرميل الواحد بينما تشهد أسواق الخام العالمية تذبذباً في الأسعار بين يوم وآخر بالتزامن مع المتغيرات السياسية والأمنية التي تحصل في مختلف مناطق العالم ومنها الأحداث المأساوية المتسارعة في الشرق الأوسط. 

القائمون على إدارة دفة الاقتصاد الوطني والمراقبون لمصادر التمويل لم يغفلوا تلك الإشكالية ولا انعكاساتها السلبية على وضع القطاع المالي ومواصلة تمويل المشاريع والخدمات وصرف المستحقات الأخرى ومن خلال القيام بخطوات فاعلة لتعظيم الإيرادات غير النفطية والإعلان عن قرب إطلاق حزم جديدة من مراحل الإصلاح الضريبي والتي تطرّق إليها مستشار رئيس الوزراء للشؤون المالية مظهر محمد صالح ضمن إطار الخطوط العامة للمنهاج الحكومي الذي حظي بمصادقة مجلس النواب وبدراسة مستفيضة من قبل لجنته المالية والخاصة بفكرة تعظيم الموارد غير النفطية للإسهام بزيادة عناصر تمويل الموازنات العامة لتنظم عملية القيام بالمشاريع التنموية وخدمة شرائح مجتمعية واسعة في البلاد. 

على ما يبدو أنَّ المنهاج الذي تهدف الحكومة لتطبيقه له أهداف كبيرة وبعيدة المدى في مقدمتها المساهمة الفعالة بزيادة إجمالي الإيرادات المتأتية من النشاط الاقتصادي غير المتعلق بالقطاع النفطي وبنسبة (20 %) بعد أن كانت معدلاتها السابقة تبلغ نسبة (10 %) بحيث يمكن أن تعمل تلك الإجراءات على التخفيف من الالتزامات المالية على الحكومة والخاصة بتأمين مبالغ الموازنة السنوية كذلك من شأنها تنويع الناتج المحلي الإجمالي من قطاعات الزراعة والصناعة والخدمات فضلاً عن تنشيط أعمال ومشاريع القطاع الخاص وتشجيعه، وهذا يعد مواجهة مهمة وضرورية للتحدي الكبير الذي كان يشكل هاجساً يضغط على الحكومة حينما يستوجب الأمر تنفيذ التزاماتها المقرّرة في برنامجها في حال حدوث عجز مالي في مبالغ التخصيصات المالية الخاصة بالموازنة إذا ما انخفضت أسعار النفط في الأسواق العالمية إلى ما دون السعر المحدد ويبتعد بمسافة طويلة عن آثار الأزمات المختلفة ويعطي فسحة من التفاؤل باقتصاد وطني متنام شامل وواسع.