كتب: رئيس التحرير
قبيل وصوله إلى بغداد أمس قال رئيس الجمهوريَّة الإيرانيَّة الدكتور مسعود بزشكيان هذه الجملة اللافتة: "علاقاتنا مع العالم الإسلاميّ تبدأ من العراق". والعبارة موحية لأنها تصدق على معنيين ظاهر وباطن. فأما ظاهرها فمصداقه أنَّ هذه هي فعلاً رحلته الخارجيَّة الأولى وكانت وجهتها بغداد، وأما المعنى الأعمق لها فيتمثل في أنَّ العراق بروابطه الاستثنائيَّة مع إيران وبتوازنه السياسيّ في تعاطيه مع محيطه والعالم أصبح يشكّل البوابة الأمثل للشروع في تنشيط علاقات إيران في المنطقة.
كلّما تأكدتْ ضرورة إبعاد المنطقة عن منطق الاحتراب وأهميَّة الركون للغة الحوار والتفاهم، تأكدتْ في الوقت نفسه أهميَّة العراق جسراً يصل بين الضفاف المتباينة حدَّ الاختلاف، وقد لمس الجميع هذا الدور العراقيَّ المهمَّ في لحظات سياسيَّة فارقة كان أهمّها التقارب بين إيران ودول الخليج وخصوصاً العربيَّة السعوديَّة.
زيارة بزشكيان إلى بغداد استثنائيَّة بكلِّ المقاييس ليس للدولتين الجارتين فحسب بل لعموم المحيط الإقليميّ الذي يبحث عن مثالٍ سياسيّ يمكن أنْ يترسمه ويكون كفيلاً بتحقيق المصالح السياسيَّة والاقتصاديَّة والأمنيَّة للشعوب بديلاً عن الخوف من المستقبل الذي بات يلفّ المنطقة برمّتها نتيجة جنون الكيان الصهيوني المحتلّ وإصراره على المضيّ في حرب الإبادة ضدَّ الفلسطينيين.
لغة الدبلوماسيَّة والاقتصاد والمصالح والعلاقات المتكافئة والأمن المشترك كانت حاضرةً في لقاء الرئاسات العراقيَّة مع بزشكيان، كما كانت حاضرةً في مذكرات التفاهم الموقعة بين الطرفين. وهي اللغة الوحيدة التي تبني الأوطان وتحفظ كرامة الشعوب.