أمير الكويت في زيارة تاريخية إلى بغداد

الثانية والثالثة 2019/06/19
...

بغداد / الصباح
أنهى أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، مساء أمس الأربعاء، زيارة تاريخية إلى العاصمة بغداد، بحث خلالها العلاقات الثنائية بين البلدين، وأبرز القضايا والمستجدات على الساحة الإقليمية، إذ أكد رئيس الجمهورية برهم صالح ان العلاقات بين العراق والكويت قطعت اشواطاً كبيرة الى الامام بفضل حكمة ورغبة القيادتين في البلدين بتجاوز مخلفات الماضي، وفي حين أشار رئيس مجلس الوزراء الى أن العراق أصبح شريكا في الحلول بعد ان كان يشار له في الازمات، وان اقتصاده يتعافى والبلاد تشهد امنا واستقرارا بفضل قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية وتضحيات شعبنا، لفت أمير الكويت الى أن الزيارة تأتي تتويجا للعلاقات الوطيدة، مشدداً على أن بلاده تؤمن بشكل راسخ بأهمية ان ينعم العراق بالامن والاستقرار.
وفي وقت أكد الامین العام لمجلس الوزراء، حمید الغزي، ان البلدين الشقيقين وصلا الى مرحلة الحسم في العدید من الملفات المشتركة، كشف وزیر النفط ووزیر الكهرباء والماء الكویتي خالد الفاضل عن ان الكویت بصدد توقیع اتفاقیة نفطیة مشتركة مع العراق فور اتمام دراسة تتعلق بوضع حقول الشمال.
 
علاقات متطورة
وأفاد بيان رئاسي، تلقته «الصباح»، بأن الرئيس صالح، أشار، في جلسة المباحثات الرسمية التي عقدت في قصر السلام ببغداد، مع سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، الى ان العراق لديه الرغبة الجادة في بناء علاقات متطورة مع جيرانه خاصة مع الكويت بما يخدم المصالح المشتركة للشعبين الشقيقين.
واضاف صالح ان العراق ينظر الى طبيعة الأزمة الحالية في المنطقة بمنظار واسع ويسعى الى تحقيق توافق اقليمي شامل على قاعدة الحوار والجيرة الحسنة بين الدول.  
ورحب رئيس الجمهورية بالشيخ صباح الأحمد والوفد المرافق له، متمنياً ان تكون هذه الزيارة فرصة طيبة لطي الماضي وبدء صفحة علاقات بناءة بين الجارين الشقيقين.  
بدوره أشار سمو أمير دولة الكويت الى حرص بلاده على دعم وتمكين العراق من تجاوز تداعيات ما تعرض له من اعمال ارهابية واعادة اعماره، معتبرا ان الزيارة تمثل فرصة لبحث سبل تعزيز وتطوير التعاون بين البلدين وحسم الملفات العالقة بينهما، وانها تأتي تتويجا للعلاقات الوطيدة، مشدداً على أن الكويت تؤمن بشكل راسخ بأهمية ان ينعم العراق بالامن والاستقرار.
كما جرى، بحسب البيان، بحث اخر التطورات السياسية في المنطقة ومحاولات تهدئتها بما يصب في صالح استقرارها، فضلاً عن مساهمة الكويت في عمليات اعمار العراق، والعلاقات بين البلدين وسبل الارتقاء بها إلى ما يلبِي طموح الشعبين الشقيقين.
وأقام رئيس الجمهورية مأدبة غداء على شرف سمو أمير دولة الكويت والوفد المرافق له، حضرها رئيسا مجلسي الوزراء والنواب عادل عبد المهدي ومحمد الحلبوسي ورئيس المحكمة الاتحادية مدحت المحمود وكبار المسؤولين من الجانبين.
 
الأوضاع الإقليمية
وفي السياق، تناول لقاء رئيس مجلس الوزراء عادل عبد المهدي بأمير الكويت الشیخ صباح الاحمد الجابر الصباح، الذي تم بحضور الوفدين الرسميين، بحث تطوير العلاقات العراقية الكويتية وفرص التعاون امام البلدين وتفعيل المنطقة التجارية الحرة المشتركة، الى جانب بحث الأوضاع الإقليمية.
ورحب عبد المهدي، بحسب بيان لمكتبه الإعلامي تلقته «الصباح»، بسمو امير دولة الكويت واعضاء الوفد المرافق له، وقال: يشرفنا ان نستقبلكم في بلدكم وبين إخوانكم، إذ تربطنا روابط متشعبة وعانينا معا صعوبات كثيرة ووقفنا معا ضدها وانتصرنا عليها، وان هذه الزيارة تعد فرصة لتطوير العلاقات الثنائية نحو الافضل ونحن متفائلون بمستقبل العلاقات العراقية الكويتية.
وأثنى رئيس الوزراء على مواقف وحكمة ووسطية أمير الكويت في جميع الظروف، مشيرا الى زيارته الى دولة الكويت واللقاءات المثمرة التي اجراها الوزراء وملفات التعاون التي بحثت وأهمية استكمالها في بغداد وتفعيل اتفاقات التعاون التي ابرمت في الكويت وتشجيع الاستثمارات وتسهيل منح التأشيرات والتعاون في المجالات الاقتصادية والتجارية لما فيه مصلحة البلدين.
وأضاف عبد المهدي ان العراق واجه صعوبات لكنه تجاوزها بنجاح وقطع مرحلة مهمة في تعزيز مكانته الدولية وأصبح اليوم شريكا في الحلول بعد ان كان يشار له في الازمات،   وان اقتصاده يتعافى والبلاد تشهد امنا واستقرارا بفضل قواتنا المسلحة واجهزتنا الامنية وتضحيات شعبنا.
من جهته، اعرب امير دولة الكويت عن شكره وتقديره لحسن الاستقبال الذي لقيه والوفد المرافق له، مؤكدا ان زيارته تأتي مقابل زيارة رئيس مجلس الوزراء لدولة الكويت وتثبت قوة العلاقات الثنائية، وقال: يهمني ان ارى العراق يتطور ويزدهر وحريص على العراق كحرصي على بلدي واتمنى لعلاقاتنا المزيد من التطور وان هناك امورا كثيرة نتفق عليها وما تبقى منها قابل للحل خلال مباحثات الوفدين الوزاريين ومتابعة التنفيذ من خلال اللجان المشتركة، مشيدا بتوجهات الحكومة العراقية وبسياستها المتوازنة وتعاطيها الايجابي مع ازمات المنطقة.   
 يشار إلى أن الوفد الكويتي ضم الشیخ صباح الخالد الحمد الصباح نائب رئیس مجلس الوزراء ووزیر الخارجیة والشیخ الفریق خالد الجراح الصباح نائب رئیس مجلس الوزراء ووزیر الداخلیة والسید انس خالد ناصر الصالح نائب رئیس مجلس الوزراء ووزیر الدولة لشؤون مجلس الوزراء والدكتور نایف فلاح مبارك الحجرف وزیر المالیة والسید خالد ناصر عبد الله الروضان وزیر التجارة والصناعة ووزیر الدولة لشؤون الخدمات والدكتور خالد علي محمد الفاضل وزیر النفط ووزیر الكهرباء والماء والسید احمد فهد الفهد الامیري.
اما الوفد العراقي فضم ثامر الغضبان نائب رئیس مجلس الوزراء - وزیر النفط  رئیس بعثة الشرف والدكتور فؤاد حسين نائب رئیس مجلس الوزراء - وزیر المالیة، ومحمد علي الحكیم وزیر الخارجیة والدكتور نوري صباح الدلیمي وزیر التخطیط ومحمد هاشم عبد المجید وزیر التجارة والدكتور قصي السهیل وزیر التعلیم العالي والبحث العلمي والدكتور عبد الامیر مایح الحمداني وزير الثقافة ولؤي الخطیب وزير الكهرباء، وعدد من المستشارين.
 
حلّ الملفات العالقة
كما استقبل رئيس مجلس النواب محمد الحلبوسي بحضور عددٍ من النواب، سمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح والوفد المرافق له.
وذكر بيان للدائرة الإعلامية لمجلس النواب، تلقته «الصباح»، أن الحلبوسي رحب، في مستهل اللقاء بسمو أمير دولة الكويت والوفد المرافق له في بغداد.
وأشار الحلبوسي إلى عمق العلاقة التاريخية والأخوية والمشتركات بين البلدين، مثمنًا موقف الكويت الداعم للعراق.
وخلال مناقشة آفاق التعاون بين العراق والكويت، والملفات ذات الاهتمام المشترك، وبما يخدم مصلحة الشعبين الشقيقين، أكد رئيس مجلس النواب ضرورة إدامة التواصل وحلِّ جميع الملفات العالقة.
كما بحث اللقاء العلاقات البرلمانية بين البلدين، وتفعيل الدبلوماسية البرلمانية، والعمل على تنسيق المواقف وتوحيدها في المحافل الدولية إزاء القضايا التي تهم المنطقة.
من جانبه، عبَّر سمو أمير دولة الكويت عن سعادته بزيارة بغداد وتطور العلاقات بين البلدين، مؤكدا دعم بلاده للعراق في مختلف المجالات.
ودعا الشيخ الصباح إلى زيادة التواصل وتبادل الزيارات على المستوى البرلماني بين بغداد والكويت، وبما يسهم بتحقيق أعلى مستوى من التنسيق والتعاون.
وبشأن المباحثات بين البلدين الشقيقين، قال الامین العام لمجلس الوزراء، حمید الغزي، في تصريح صحافي: إن المباحثات التي عقدت بین الوزراء العراقیین والكویتیین على هامش زیارة امیر دولة الكویت الشیخ صباح الأحمد الجابر الصباح وضعت اللمسات الاخیرة لحسم العدید من الملفات العالقة بین بغداد والكویت.
واوضح أن عمل الوزراء من الجانبین في الاجتماعات كان مبنیا على ما تم التوصل الیه من اتفاقیات ومباحثات في عامي 2018 و2019، لافتاً إلى ان الاجتماعات ركزت على ملفات التجارة الثنائیة والاقتصاد وتطویر المنافذ الحدودیة فضلا عن ملفات الطاقة.
زيارة ناجحة
بينما أكد وزير الخارجية محمد علي الحكيم، أن زيارة أمير دولة الكويت الى العراق كانت «ناجحة»، مبيناً أنها تضمنت مداولات مهمة في كافة المجالات.
وقال الحكيم، في تغريدة على حسابه تويتر: «زيارة ناجحة لسمو أمير دولة الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح ومداولات مهمة مع فخامة الرئيس برهم صالح والسيد رئيس الوزراء عادل عبد المهدي لتطوير العلاقات الاقتصادية والتجارية والنقل والسياحة الدينية ومناقشة القضايا التي تمر بها منطقتنا».
في حين كشف وزیر النفط ووزیر الكهرباء والماء الكویتي خالد الفاضل عن ان بلاده بصدد توقیع اتفاقیة نفطیة مشتركة مع العراق فور اتمام دراسة تتعلق بوضع حقول الشمال.
وذكر الفاضل، في تصریح صحفي، عقب مباحثات مع الجانب العراقي على هامش زیارة امیر الكويت لبغداد، ان «توقیع وزارة النفط الكویتیة اتفاقیة مشتركة مع الجانب العراقي بعد اتمام شركة نفط الكویت دراسة الإنتاج النفطي في الحقول المشتركة شمالي الكویت»، موضحاً انه «اجرى مباحثات ثنائیة مع الجانب العراقي تتعلق بموضوعات خاصة وثنائیة في قطاعي النفط والكهرباء».
وحول القطاع الكهربائي، اكد الوزیر الفاضل ان «ثمة خطوات جادة لربط العراق بشبكة الربط الكهربائي الخلیجیة»، مؤكداً اهمیة» عقد اجتماعات مكثفة بین الجانبین الكویتي والعراقي في ظل العلاقات المتمیزة بین البلدین والتي توجـت بزیـارة امـیر الـكـويـت لـلعراق».
وتعد الزيارة التي قام بها أمير الكويت إلى العاصمة بغداد هي الثانية خلال توليه مقاليد الحكم، إذ ترأس في 29 آذار 2012 وفد الكويت إلى اجتماع القمة العربية التي عقدت في بغداد آنذاك، وتأتي وسط قلق من أن يؤثر التوتر بين الولايات المتحدة وإيران، في الإنتاج النفطي والوضع الإقليمي بعد عام من انسحاب واشنطن الأحادي من الاتفاق النووي مع طهران.
يشار إلى أن رئيس الوزراء عادل عبد المهدي زار الكويت في 22 أيار، حيث أجرى مباحثات مع الأمير، الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، تخص علاقات البلدين.
وكانت العلاقات «العراقية الكويتية» قد استؤنفت، لدى تعيين الكويت أول سفير لها في بغداد في تموز 2008، عقب قطيعة استمرت سنوات، إثر اجتياحها من جانب نظام صدام عام 1990.